محمد لويفي الجهني
القول الحق في التبيان المبين بأن كل الطرق تؤدي إلى مكة المكرمة روحياً بالأفئدة والقبلة، وجسدياً يقدمون ويأتون من كل فج عميق ومن كلّ أصقاع الأرض في رحلة روحيّة ربانية لأداء فريضة الحج والعمرة، وهذه الرحلة تسير في قوافل جماعية وطرق معروفة تصل بهم إلى مكة المكرمة، ولعل أشهر طرق ودروب الحج درب زبيدة والحجاز الشمالي والجنوبي، وكذلك درب السنوسية وغيرها.. ومن المعروف أن السالكين لهذه الطرق الشاملة لكل الجزيرة العربية وثقوا في كتبهم نثراً وشعراً وكتابة ووصفا لما تعرضوا له، لذلك كانت رحلاتهم مرجعاً للباحثين والعلماء والمفكرين والمثقفين، لأنهم أصدق من كتبوا ووصفوا الرحلة الروحية وما شاهدوه وتعرضوا له.
وغالباً تلك الرحلات تتعرض للمخاطر الطبيعية وغير الطبيعية، ولعل ماتعرضت له رحلات الحج عبر التاريخ نذكر منها ما قام به أرناط الصليبي عام (578هـ) عندما قتل الحجاج ودمر أشهر موانئ الحجاز في ذلك الوقت ميناء الحوراء، وقتل الحجاج وأحرق وأغرق سفنهم وكل مافيها من مؤنة الحج.
ومن الأحداث الأخرى التي تستحق الذكر عندما نام حاج في محطة أملج وأثناء نومه رأى رؤيا أن احفر بئرا في هذا المكان فحقق ما رأى وحفر البئر فتدفق الماء العذب بغزارة إلى وقتنا الحالي، وهذه البئر هي بئر الوحيدي أشهر آبار طرق الحج الحجازي الشمالي. وكذلك نذكر أخيراً ماتعرض له الرحالة الشهير ابن بطوطة من معاناة في رحلته للحج أجبرته عن التأخر عن الحج، وفي الختام هذه الأحداث جزء مما يتعرض له الحجاج في رحلاتهم والتي كانت محفوفة بالمتاعب والمخاطر واستمرت هذه حتى سخر الله سبحانه قيام الدولة المباركة المملكة العربية السعودية والتي اهتمت برحلة الحج من بدايتها إلى نهايتها وسخرت كل الإمكانات وسهلت كل الصعاب وقضت على كل التحديات والمخاطر حتى صارت رحلة الحج سهلة ميسرة محفوفة بالأمن والأمان والاستقرار والطمأنينة والراحة والسكينة باستمرارية ومتابعة إلى يومنا الحاضر، وهي ما زالت تبذل كل الإمكانات الحديثة والتي توافق المرحلة والجودة والإتقان كل ذلك من أجل خدمة الحاج لبيت الله الحرام لأداء مناسك الحج والعمرة، بجودة عالية.
ومن أراد أن يتعرف على الجهود المبذولة التي يسرت وسهلت الحج والعمرة وحفتها بالأمن والأمان والسلامة والصحة فليشاهد عن قرب ويسأل عن المليارات التي دفعت من أجل الوصول إلى هذه الفخامة والرقي والتطور في كل المجالات التي تخدم الحاج والمعتمر وتسهل له كل الإمكانات لأداء الفريضة بكل روحانية وسكينة.
وهذه جهود مباركة من قيادتنا الحكيمة والتي اتخذت لقائدها وملكها لقب خادم الحرمين الشريفين، لتكون كذلك واقعاً ملموساً وواقعاً والخدمات والإمكانات في الحرمين تبقى شاهداً على كل ما بذل..
فجزاهم الله خيرا وحفظهم..