عثمان بن حمد أباالخيل
ضبابية تعامل الإنسان مع الآخرين تجعله في منطقة رمادية لا هي بيضاء ولا هي سوداء، العمر أقصر من أن يعيش الإنسان رمادياً في الحياد، أو يعيش حالة الانحياز دون أن يقدم ما يجعله منحازاً. الجرأة في الوقوف على أرض صلبة يجعلك أن تكون منحازاً وتتخلص من عقدة الحياد التي يعشقها الكثير من الناس الذين لا يريدون مع من يقفون. حين يكون الإنسان على حياد فهو يبحث عن النأي بنفسه حتى لا يخسر أياً من الطرفين لكنه في الواقع قد اتخذ موقفاً منحازاً لأحد الطرفين فقط بوقوفه على الحياد. عموماً ينقسم الحياد إلى قسمين، قسم هو الحياد الإيجابي، الذي يعني عدم انحياز طرف إلى طرف ضد الآخر، والقسم الثاني هو الحياد السلبي، الناجم عن الضعف وقلة الحيلة، والذي لا يريد منه أصحابه سوى تجنيب أنفسهم المشكلات. من الصعب أن تجد إنساناً محايداً ومنحازاً في نفس الوقت وهذا دليلٌ على إرباك وحيرة لقول ما يجب قوله. في واقع الحياة ومن تجاربي الشخصية لا يستطيع أي إنسان منا أن يقف على الحياد تماماً، فكلٌّ منا تحركه دوافعه، ومشاعره، واتجاهاته ناحية أناس، فكيف للإنسان أن ينسى كل هذا ويقف على الحياد أمام طرفين، وهنا من الظلم أن تنحاز مع إنسان ضد آخر وتدخل في دوامة متعبة.
للأسف هناك أناس حياديون في مواقف لا تتحمل الحيادية، بل يجب رفع الصوت والوقوف مع الحق في انحيازية إيجابية، صحيح أن الحياد يجنبنا الكثير من المشكلات والخلافات والتعرض للهجوم اللاذع»، لكن في المقابل هناك مواقف في الحياة لا تحتمل السكوت. أتساءل وأتصور هناك الكثيرون يتساءلون هل الحياد عموماً كمفهوم «قرار» وجيه في حياتنا الشخصية، والاجتماعية، شخصياً أرى عكس ذلك فهو ضعف وهروب ومحاولة «لدفن الرأس في الرمال» وهذا مثل شائع وغير صحيح بالنسبة للنعامة. نواجه الكثيرين الحياديين والانحيازيين في حياتنا ومع ذلك فهم يلومون أنفسهم حين لا يقيمون الموقف الذي يعيشونه ويتخذون القرار الصحيح والموقف الصحيح حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلومًا، أفرأيت إذا كان ظالمًا كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره، رواه البخاري.
كم هي المآسي والظلم الذي يحدث في مجتمعنا بسبب الانحياز الظالم المبني على الهوى والمصالح الشخصية، ألا تعلمون الانحياز الخبيث يزرع الشر والفتنة في المجتمع، ويفرق الناس عن بعضهم البعض. هل تتحملون تأنيب ضمائركم أم هي في سبات. إذا أردت أن ترتاح فكن محايدًا ولا تكن منحازًا، وكن منحازاً ولا تكن محايدًا وكلاهما مواقف سلبية بعيدة عن تعاليم ديننا الإسلامي. (نصرة الحق شرف ونصرة الباطل سرف) ابن سينا.