د. إبراهيم بن جلال فضلون
الحج وعاء فني، مشاعره الروحانية فياضة، تحمل القيم الجمالية التي تتسع لكافة المعاني الإنسانية، منزهة بين العبد وخالقه، كطريق إلى نور الله، وهم يلبون نداء ربهم تحت أشعة الشمس الحارقة، والمشاق التي كان الأوائل يعانونها وما يهون عليهم طريق الحج قديما بالدواب، وصولا لبيت الله الحرام في أفواج كبيرة لا يمكن إدارتها إلا خبرات تحمل في قلوبها روحانية الضيافة الخلاقة، لضيوف الرحمن الكرام، وذلك لا يمكنه أن يكون إلا بحسن تدبير وإدارة وفن وحكمة، منبعها رؤية وطنية وقوة الإيمان وصلابة رجال الوطن وفق خطط مرسومة لإدارة الحشود، حاملين على عاتقهم ومن قبلهم خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -حفظهما الله-، أمن الحجاج بداخل المشاعر المقدسة وخارجها، ليل نهار بلا كلل أو ملل، والصور تشهد وألسن الحجاج تتحدث في بلدانهم أنهم وجدوا أفضل رجال بأطهر أرض.
فلا يشرع للحاج أن يعرض نفسه للخطر والإذلال، وقد صدحت الكلمات والحناجر مرارا وتكرارا أن أمن الوطن خط أحمر، وأمن وسلامة ضيوف الرحمن خط أحمر، وأمن المشاعر خط أحمر، تيسيرا لأداء المناسك في مختلف المشاعر المقدسة حتى مغادرتهم إلى بلدانهم بسلام آمنين، والضرب بيد من حديد على محتالي النظام ومكاتب الحج غير النظامية أو من يدعي الحج عن غيره، أو ناقلي مخالفي أنظمة وتعليمات الحج ممن لا يحملون تصاريح حج نظامية تم ردعها الفترة الماضية وفق تقرير الأمن العام بضبط (140) حملة حج وهمية و(64) ناقلا مخالفا لأنظمة وتعليمات الحج وإعادة (97.664) مركبة مخالفة وإعادة (171.587) مقيما من غير المقيمين بمكة المكرمة و(4.032) مخالفا لأنظمة وتعليمات الحج (الحج بلا تصريح) و(6.105) مخالفين لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود، بينما بلغ حاملو تأشيرات الزيارة (153.998)، ولكن سؤالي قد يساعد أمننا على النجاح، فأصحاب الزيارات الشخصية وغيرها كثيرون داخل مكة، أكثر من خارجها، فماذا عنهم؟، ولما لا يكون دور الجوازات في مطاراتنا إيقاف لمن دخل مكة قبل الحج بشهر على الأقل أو عشرين يوما، وإيقافهم عند المغادرة بعد الحج، وإنزال العقوبة عليهم بعد ثبوت أنهم لم يخالفوا النظام ولم يكونوا بمكة وقت الحج، أعتقد أن تقنياتنا باستخدام التقنيات الحديثة وتقنيات الذكاء الاصطناعي، ومن خلال أجهزة متنقلة وكاميرا التوثيق الأمني وأجهزة التحقق من صحة الوثائق والمسار الذكي، وحسن إداراتنا، يمكنها كشف ذلك بسهولة ويسر، وبها مدخول اقتصادي للدولة كما أنها وسيلة لردع الآخرين مستقبلا.
وكلنا نسمع عن حملات نظامية داخلها كثيرون من غير النظاميين، يندسون بينهم، بل هناك باصات تحمل حجيجا غير نظاميين للتفويج بعرفة بأموال تصل إلى 1500 و200 ريال، فماذا عن هؤلاء؟، إنها ثقتي بأمننا الوطني ورجاله المخلصين بقيادة ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وصاحب الرؤية المخلص لوطنه صاحب السمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ومعالي مدير الأمن العام رئيس اللجنة الأمنية للحج الفريق محمد البسامي، وقائد قوات الطوارئ الخاصة اللواء ركن محمد العمري، وقائد قوات الجوازات اللواء الدكتور صالح المربع، وكافة قادة الحج ورجالهم الأوفياء، في اتخاذ التدابير الوقائية لمنع كل ذلك ومنع وقوع الجريمة، ومكافحة النشل، وأي ظواهر سلبية تؤثر في أمن وسلامة حجاج بيت الله الحرام.
إنها الحرب يا قاداتنا على كل منغصات النجاح السعودي وأمنه الباهر في إدارة الحشود، وتكثيف الوجود الأمني الميداني داخل مكة خاصة بما يسرع من رصد أنواع الحالات والملاحظات الأمنية كافة والاستجابة السريعة بالإجراءات المناسبة حيالها، وتأمين الحماية لضيوف المملكة ومنع المخالفين لأنظمة الحج من الوصول إلى المشاعر وإدارة حركة الحشود وتنظيم رمي الجمرات وفق الخطط الأمنية وإدارة الحشود، إيمانا بأهمية العمل التكاملي لجميع الجهات المشاركة في موسم الحج.