د. محمد بن أحمد غروي
تابعت كغيري من القاطنين في الشرق الآسيوي سلسلة وثائقية تزامنت مع موسم الحج وأيام التشريق التي يتسمر فيها أهل الأرخبيل على شاشات التلفاز لمتابعة وقائع الحج والتواصل مع أحبائهم في المشاعر المقدسة.
السلسلة الوثائقية التي تعرض لأول مرة، والتي تهدف إلى سرد روايات لا تُعرف عن المسجد النبوي وما خلف الستار من أعمال جبارة وجهود ملموسة شاهدها زوار المدينة رأي العين، فمسلمو جنوب شرق آسيا من أكثر الناس تعلقًا بمدينة رسول الله وشغفًا لزيارتها. مع ذلك لم يزر معظم السكان الأراضي المقدسة كما أن هناك شحًا معلوماتيًا وإعلاميًا باللغات المحلية والحقائق والأرقام القياسية التي تسجل كل عام لا يعرف عنها شعب الملايو، فقد أثار اهتمامي معلومات جديدة لم أكن أعرفها، رغم أنني كنت من قاطني طيبة الطيبة سابقًا. والتي أشرفت على محتواها الشؤون الدينية بديوان رئيس الوزراء الماليزي.
السلسلة استعرضت بشكل فني رائع توسعة الحرم المدني عبر الأزمان، والتقنية الموجودة فيه وكيفية ورحلة نقل ماء زمزم، والنظام الصوتي وأماكن غير معروفة للزائر، كالمكبرية والمكتبة المدنية والروضة الشريفة، كما واستعرضت السلسلة الوثائقية أماكن يمكن للسائح الحاج والمعتمر المسلم الملاوي أن يرتادها، بدءًا من المتاحف وانتهاءً بزيارة العلا. وسعد الجميع في ماليزيا بوجود بعض الماليزيين في المسجد النبوي، يخدمون عمار مسجد رسول الله، لتلخص السلسلة دور حكومة خادم الحرمين الشريفين في عمارة المسجد النبوي والرعاية الخاصة لها والتناغم بين الهيئات والوزارات والمؤسسات في راحة الزوار والحجاج والمعتمرين.
وتناقلت وسائل الإعلام الماليزية ووسائل التواصل هذا المحتوى الفريد الذي دعمته وزارة الإعلام ممثلة في وكالة الإعلام الخارجي.
إن مثل هذه الوثائقيات وغيرها من الوسائل الاتصالية الإعلامية في ذات التوقيت وبثقافة البلد ورؤية إخراجية تتناسب مع فنيات وأسلوب الإنتاج المختلف نوعًا ما عن ذات الأسلوب الفني المتعارف عليه في منطقة الشرق الأوسط، يعزِّز من الصورة الذهنية عن المملكة والخدمات التي تقدمها بلادنا لزوار الحرمين الشريفين، فأحيانًا لا يعلم الكل ما خلف الستار من جهود وخطط متوسطة وبعيدة المدى والتعريف بجهات وهيئات ووزارات عملت ليل نهار للوصول إلى أفضل النتائج المرجوة على مدار العام.
في اعتقادي أن تعميم مثل هذه الأفكار على المجتمعات المسلمة خصوصًا غير الناطقة بالعربية أمر مُلِح، والتعاون مع الجهات الإعلامية الدولية لإيصال الرسائل الإعلامية لتلك المجتمعات التي تهفو لمثل هذه البرامج الإعلامية بلغاتهم وبأسلوب يتناسب مع ثقافتهم خطوة في الاتجاه الصحيح، فالمعلوم عندنا كمواطنين ومقيمين ليس بالضرورة قد نما إلى تلك المجتمعات في الشرق البعيد.