يُعد التَّخطيط للمستقبل إحدى الثَّمرات التي يجنيها الأبناء في نهاية مشوارهم الدِّراسي؛ ليصلوا من خلاله للهدف الإستراتيجي المرسوم سلفًا، وليحقِّق غايته المقصودة.
ولا شكَّ أنَّ التَّخطيط للمستقبل مهارة يتم صقلها من خلال الوالدين، وإكسابها للأبناء؛ حتَّى يصبح لديهم القدرة على التَّنبُّؤ بالمستقبل.
فالتَّخطيط للمستقبل يبدأ من المرحلة الابتدائيَّة من خلال: توجيه الوالدين وشرحهم لأهم المهن التي يحتاجها سوق العمل ويفضلها الأبناء. إضافة إلى الإيضاح التَّام لكيفيَّة الوصول إليها وأهم مميزاتها، وطريقة التَّعامل معها ويا حبذا لو يكون ذلك من خلال الفيديوهات التي تعزِّز الموقف التَّخطيطي.
وينبغي على الوالدين الحرص الشَّديد على تذكير أبنائهم من حين لحين آخر لأهمية التَّخطيط والمنافع التي يحصدونها من خلاله مستقبلًا، وكيفيَّة مكافحتهم للوصول إلى مبتغاهم؛ لينعكس أثر ذلك على الفرد والأسرة والمجتمع.
ومن أهميَّة التَّخطيط واستشراف المستقبل أنَّه:
يقلل الوقت والجهد
فالفرد يصل إلى هدفه بأقل مجهود ممكن؛ لأنَّه عقد العزم للوصول إلى الفرصة المحدَّدة أمامه وعدم طرق أبواب أخرى للوصول إلى فرص أخرى، وحتَّى لا يصبح مشتَّتًا بين المهن والفرص الأخرى التي لا تناسب وقدراته وميوله وربما لا يحصل عليها مطلقًا؛ ومن ثمَّ يستثمر وقته في المفيد النَّافع ولا يهدر وقته في أشياء ربما لا يكسب من ورائها فائدة تذكر إلَّا التَّعب والنَّصب وضياع الأوقات.
نور الحياة
فالتَّخطيط للمستقبل يشبه الكشَّاف الذي يضيء المكان في الظُّلم، ويفتح له المجال ليرى من نوره الأشياء التي تقع وسط الظَّلام، فلو لم يكن الكشَّاف موجودًا لما وجد ما يبحث عنه، فالتَّخطيط السَّليم هو الذي ينير للفرد الطَّريق، ويفتح أمامه المجال الأنسب الذي يلائم قدراته ويماثل ميوله.
التركيز
يُعد التَّركيز من أهم مميِّزات التَّخطيط المستقبلي؛ لكونه يجعل الفرد يركِّز على هدف معيَّن، ويرضى به، ويسعى لتحقيقه ولا ينشغل بغيره، وهو مدعاة للتَّمسُّك بالفرصة التي تلوح أمامه منذ صغره ولا يفرط فيها أبدًا؛ لشغفه الشَّديد بها.
الشغف
كلَّما كان التَّخطيط المستقبلي إجرائيًّا سليمًا من حيث خطواته، ومهاراته؛ زاد الفرد توهُّجًا وشغفًا للعبور نحو الهدف المنشود سابقًا، فلا يحيد عنه أبدًا، حتَّى ولو أجرى تعديلًا بسيطًا على بعض الخطوات التي أعدَّها آنفًا. فالرَّغبة والانسجام يحقِّقان للفرد الشَّغف والتَّوهُّج في الحياة التَّعليميَّة والعمليَّة.
السيطرة على الصعوبات والمخاطر
لا شكَّ أنَّ التَّخطيط السَّليم يجعل الفرد مسيطرًا على المصاعب والمخاطر التي قد تنشأ أثناء التَّنفيذ، ومع هذا لا يكاد ينفك أي تخطيط من بعض المصاعب والمخاطر التي تنجم أثناء التَّنفيذ؛ لذلك ينبغي على الفرد أن يضع بعض الافتراضات والبدائل التي تساعده على تجاوز المصاعب والمخاطر النَّاجمة عن العمل؛ ومن ثمَّ ينعكس ذلك إيجابيًّا على سير التَّخطيط، فلا يلوم الفرد نفسه عند وقوع أي صعوبة قد تواجهه.
وختاماً:
ينبغي على الوالدين الوقوف مع أبنائهم ودعمهم وتحفيزهم على التَّخطيط لكل عمل يريدون تنفيذه؛ حتَّى يتعود الأبناء التَّخطيط السَّليم لمواقف الحياة فلا يشعرون بالملل فيفقدون ميولهم ومواهبهم وشغفهم.
إضافة إلى أنَّ للمدرسة دورًا كبيرًا في تدريب أبنائها وتعويدهم على التَّخطيط المستقبلي، وتعريفهم الطُّرق الصَّحيحة للتَّخطيط الواعي النَّاقد، وكيفيَّة بناء خطواته والمهارات التي ينبغي أن يكتسبوها، وكيفية التَّنفيذ وكذلك البدائل التي يحتاج لها الأبناء حال تعرُّضهم لبعض المصاعب التي تحول بينهم وبين تحقيق هدفهم المقصود.