خالد بن حمد المالك
بدأت الحملة المغرضة قبل أن يبدأ الحج، ولكن تم التحضير لها - كما يبدو- دون أدوات مقنعة، مع أنها لم تكن مصادفة، فقد اعتادت عليها المملكة مع كل موسم حج، وفي كل مرة يخيب تخطيطهم، وينكشف الغطاء عن ضحالة تفكيرهم، وضعف قولهم أمام الحقائق والأرقام الدامغة.
* *
ومع بدء حج هذا العام وخلاله كانت فرصتهم أن هناك وفيات بين الحجاج يمكن استثمارها وتوظيفها في خلق بلبلة، وتشويه صورة الخدمات المميزة التي تقدمها المملكة، ومرة أخرى خاب تقديرهم، وتحدث الحجاج بما يؤكد نظافة الحج، ونجاحه، وتثمين العمل الذي تقوم به المملكة.
* *
وكانت الضربة القاضية ضد الموتورين والحاقدين والكارهين والحاسدين حين تبيَّن أن 83 % من الحجاج الموتى وعددهم 1079 ممن لم يكن لديهم تصاريح لأداء الحج، وأنهم كانوا يهيمون بين الجبال، ويقطعون مسافات طويلة للوصول إلى المشاعر المقدسة تحت أشعة الشمس، بلا مأوى ولا راحة، وبينهم عدد من كبار السن، والمصابين بالأمراض المزمنة.
* *
وفي كل يوم تنكشف الأمور الصادمة عن سبب هذه الوفيات، فها هو المتحدث الأمني لوزارة الداخلية يشير إلى أن عدداً من شركات السياحة في بعض الدول غرَّرت بحاملي تأشيرات الزيارة بالبقاء شهرين في مكة قبل الحج، في تحايل واضح، وخداع مكشوف لأداء الحج في حملات وهمية، ما جعل بعض الدول تقوم بإجراءات صارمة تجاه تلك الشركات.
* *
في ضوء ذلك، فإن من يتحمَّل المسؤولية عن هذه الوفيات تلك الشركات التي غرَّرت بهؤلاء، وتحايلت بأن حوّلت تأشيرات الزيارة بأنواعها إلى تأشيرات مخصصة للحج مع أنها ليست كذلك، دون مراعاة للتعليمات التي كان الغرض منها حماية الحجاج من هذه النهاية المأساوية.
* *
ومع كل هذا فقد سخَّرت المملكة كل إمكاناتها لمعالجة من بقوا أحياء من هؤلاء والعناية بهم، كما سهّلت كل الإجراءات لدفن من مات منهم بعد التعرّف عليهم، وتسهيل إجراءات من رأى أهلهم دفنهم في بلدانهم، والبحث عن المفقودين، والتعامل بشفافية مع كل ما حدث.
* *
وإذ نترحّم على جميع الموتى، ونسأل الله الشفاء للمرضى، نتمنى أن يكون ما حدث من ضمن الدروس والأخطاء التي يجب أن يلم بها الجميع وخاصة تلك الشركات حتى لا يتكرر ما حدث.