د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
تطمح السعودية منذ عام 2008 إلى إبرام اتفاق نووي، وهناك اتفاق وشيك بين السعودية والولايات المتحدة، بعدما كان حلفاء واشنطن يتخوفون من امتلاك السعودية النووي، بدأت السعودية تبحث عن البدائل، ففي عام 2011 بحثت عن اتفاق نووي مع كوريا الجنوبية، وبحثت عن اتفاق نووي آخر مع الصين، وفي عام 2012 أبرمت اتفاقا مع كوريا الجنوبية ببناء مفاعلين نوويين، وفي عام 2016 اتجهت السعودية نحو روسيا لبناء 16 مفاعلا نوويا تزامن الاتفاق مع اكتشافات يورانيوم في السعودية باحتياطيات تصل إلى 7 في المائة من إجمالي الاحتياطيات العالمية، وفي نفس الوقت تتجه السعودية نحو استغلال ثرواتها من أجل إدخال مورد جديد يساهم في تنويع مصادر الطاقة لديها.
لكن السعودية اصطدمت بتخوف حلفاء الولايات المتحدة على غرار ما حدث في إيران، فدخلت في مفاوضات طويلة مع الولايات المتحدة قبل طوفان الأقصى مقابل السلام، لكن بعد طوفان الأقصى أراد الطرفان السعودية والولايات المتحدة تحقيق هذا الاتفاق، خصوصا أن الولايات المتحدة تدرك أن السعودية لديها خيارات وبدائل أخرى إن لم توافق على الاتفاق مع السعودية؛ لذلك ستحرص أمريكا على تحقيق الاتفاق مع السعودية سواء كان مقابل السلام بإقامة دولة فلسطينية أو بدونه، بعدما كانت المفاوضات تتحدث عن ثلاث نقاط أولها تقديم الولايات المتحدة ضمانات أمنية أميركية على غرار الاتفاق مع اليابان في ستينات القرن الماضي لتتفرغ السعودية لتحقيق رؤيتها بجانب تقديم تكنولوجيا عسكرية ودعم برنامج نووي مدني.
بالطبع تدرك الولايات المتحدة إذا لم توقع اتفاقا نوويا مدنيا مع السعودية، فلدى السعودية خيارات أخرى جاهزة، وستعود السعودية لاستكمال مشروعها النووي مع روسيا والصين وكوريا الجنوبية، بذلك ستكون أمريكا هي الخاسر الأكبر، لأن السعودية اتخذت القرار في التوجه نحو الحصول على النووي، وهو ليس خيارا فقط بل هو مطلب مستقبلي لأسباب تنموية سواء بإقامة علاقة مع إسرائيل بشرط إقامة دولة فلسطينية وفق الشرط السعودي أو بدونه، ولديها نية بناء 16 مفاعلا خصصت له قيمة 80 مليار دولار، ووفق مصادر فإن السعودية تمتلك مسرع نووي بقوة 3 ميجاوات، ومسرع ضوئي بقوة 350 ميجاوات من أجل التجارب في جامعة الملك فهد للبترول، كما وقعت جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا مع روسيا اتفاقا للاستخدام السلمي للطاقة النووية والفيزيائية.
سيكون الاتفاق الوشيك مع واشنطن في بناء مفاعلات نووية قفزة ضخمة لتحقيق الحلم السعودي في أن تصبح مصدرا لجميع أنواع الطاقة، وستبيع الطاقة الكهربائية الناتجة عن الاستخدام النووي بجانب تصدير النفط، خصوصا أن السعودية تنوي رفع انتاج الطاقة الكهربائية من 67 ألف ميجاوات في 2023 إلى 120 ألف ميجاوات مرتفعة من 30 ألف ميجاوات عام 2000 أي ارتفع 20 ضعفا عن عام 197، وإجمالي إنتاج المياه المحلاة نحو 7.9 مليون متر مكعب يوميا منها 5.9 مليون متر مكعب يوميا من تحلية مياه البحر عبر 32 محطة موزعة على الساحلين، تمثل 55 في المائة من إجمالي إنتاج دول مجلس التعاون الخليجي، ونحو 22.2 في المائة من الإنتاج العالمي، فهي رائدة في تحلية المياه عربيا وعالميا ليس فقط في الإنتاج، ولكن أيضا من حيث الابتكار التكنولوجي وكفاءة التكلفة التي يمكن أن تتجنب تحديات كبيرة تنتج عن استخدام الطاقة النووية وتوفير استنزاف الموارد البترولية بالتوازي مع توجه العالم نحو الطاقة النظيفة والتغير المناخي.
السعودية في مفترق طرق فهي من أكثر دول العالم في تحلية المياه وتوليد الكهرباء من النفط والغاز، وبذلك توجه مواردها نحو 2 مليون برميل من النفط نحو الأسواق العالمية للحصول على موارد مالية هائلة إلى جانب أنها ستحتفظ بالأمن المائي للسعودية، وفي نفس الوقت ستعزز السعودية مكانتها في سوق الطاقة المستقبلي في تصدير الطاقة الكهربائية إلى الدول المجاورة إلى جانب تصديرها للطاقة التقليدية والنظيفة، وكذلك تلبي حاجاتها الصناعية والسكانية المتزايدة، لأن الطاقة النووية أفضل مصادر الطاقة النظيفة بل تعتبر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح مصادر رديفة وليست مصادر أساسية، وإن كانت السعودية ستركز بشكل كبير على توليد الطاقة من الخلايا الشمسية لامتلاكها مميزات نسبية عالية.