عبدالعزيز بن سليمان الحسين
ثمة مقولة جميلة تجسّد قيمة وأهمية (الوقت) في حياتنا المعاصرة.. «الوقت كالمال» للتعبير عن أنه نفيس للغاية لذلك يجب على الفرد أن يستغله استغلالاً أمثل ويستثمره بطرق فعّالة، خاصة أوقات الفراغ يجب استغلالها في عمل شيء مفيد للذات وللمجتمع. ولاستغلال أوقات الفراغ فوائد كثيرة، منها الشعور بالثقة بالنفس عالية. كما يساعد على رفع الروح المعنوية للفرد، ما يجعله يكتشف هواياته التي يفضل القيام بها، كما يكتشف الفرد شخصيته، حيث تتجلى له في وقت الفراغ فيقوم بتطويرها وتنمية اتجاهاته المثمرة والبناءة في ميدان العطاء والمبادرة لاسيما في الأعمال التطوعية, ومعروف أن ثقافة العمل التطوعي وسيلة فاعلة تعطي الفرد فرصة للتعرّف على شرائح المجتمع والانخراط بالمجتمع فيبني الفرد كيانه ومكانته الاجتماعية في مجتمعه ويثبت وجوده كشخص فاعل أثناء المشاركة في ميدان الأعمال التطوعية والمبادرات الخيرية وبالتالي يؤدي إلى شعوره بالانتماء والمسؤولية إزاء مجتمعه، ومن هذا المنطلق نجد أن استثمار الوقت يعلم الفرد مهارات مختلفة تجعله ينمي ذاته بطريقة إيجابية نحو آفاق أرحب، كما يعمل على إظهار التحدي الحقيقي لدى الشخص ومدى نجاحه في إدارة الوقت بما ينعكس على صحته الإنتاجية والإبداعية والتطوعية.. وروحه العطائية.
لكن في عالمنا المعاصر المليء بالانشغالات والضغوطات وهو العصر الذي يطلق عليه بعض علماء الاجتماع (عصر الضغوط)..! يعاني الكثيرون من صعوبة إدارة وقتهم بشكل فعّال، وبالتالي يضيعون الفرص والخيرات التي قد تأتيهم. الشخص الذي لا يُفرغ نفسه للخير ولا يدير وقته بحكمة، سيجد نفسه في دوامة من الانشغالات والتشتت الذهني والصراع مع الذات. وبالتالي ربما تحرمه من الفرص الاستثمارية المتنوعة التي تنعكس على صحته الاجتماعية والنفسية والعاطفية في مجالات عدة..!
عبارة «كلمة مشغول كم حرمت صاحبها من الخير والعطاء والمبادرة»، وهي بالطبع تعكس حقيقة مرة، حيث إن الانشغال الزائد يمكن أن يتحول إلى حالة مرضية نفسية أو بدنية ويحجب الإنسان عن التمتع بلذة الحياة مع الأسرة والمجتمع وتضييع الفرص القيّمة والأعمال الصالحة. إذاً يجب أن ندرك أهمية تحرير أنفسنا من الانشغالات الفارغة والتفرغ للأمور ذات القيمة الحقيقية، ولا ينتهي وقت الإنسان إلا بوفاته..!، ولذا يجب علينا أن نتذكر أن الحياة قصيرة وثمينة، وأن نسعى لاستثمار كل لحظة فيما ينفعنا في الدنيا والآخرة.
ما أجمل أن نتحدى أنفسنا لاستثمار وقتنا وتوجيهه نحو الأعمال الصالحة والمفيدة لخدمة الوطن والمجتمع ونكرس روح المبادرة واستثمار أوقاتنا في ميدان الأعمال التطوعية ومجالاتها الحيوية، ولنركز على أولوياتنا. فالتفرغ للخيرات وإدارة الوقت بحكمة هو الطريق إلى النجاح والرضا في الدنيا والآخرة.