حياة الفرد في مجتمع العمل تشبه الحياة في جسد الإنسان، فلو تخيلنا أن العقل يمثله القائد، والإحساس يمثله الإخصائي الاجتماعي، والعين يمثلها مراقب الجودة، والأذن يمثلها مسؤول الاتصالات، والعظام والعضلات يمثلها الهيكل التنظيمي، والجهاز التنفسي تمثله الموارد البشرية، والذراع تمثلها الإدارة العامة، وهرمون الدوبامين تمثله السعادة المؤسسية لتوصلنا لنتيجة أن تشخيص الأمراض ومسمياتها في المجتمع المهني، تشبه العلل والأمراض في جسد الكائن الحي، فالأزمة القلبية لا تختلف عن الأزمة المهنية فكلاهما موقف ضاغط يتطلب إجراء طارئاً.
لذلك فالوقاية من الأمراض خير من علاجها، وما سنتناوله في هذا المقال وصفة علاجية استلهمتها من منهجية (جون كوتر) تقي من أمراض التغيير الشائعة في المؤسسات، وللوصول لتغيير صحي في العمل، تناول الجرعات كاملة حسب تسلسلها:
الكبسولة الأولى: خلق حاجة للتغيير في المجتمع المهني يبدأ المسؤول بخلق شعور الحاجة للتغيير، ويخاطب فريق العمل بأسلوب مقنع ومحفز ويحولهم من استخدام طريقة الدفاع إلى التفكير الناقد، ويوضح التهديدات المحتملة ويعزز من شعورهم للحماس للتغير.
الكبسولة الثانية: بناء فريق التغيير من خلال التحالف بين المسؤول والفريق، والتركيز على الترابط والاتفاق؛ فمتى ما تفكك التحالف بينهم ضعفت عمليات التغيير.
الكبسولة الثالثة: صياغة رؤية التغيير، يوضح المسؤول للفريق الرؤية والاستراتيجية وخطة التشغيل ويسمح لهم بالمشاركة ليتسنى لهم ربط أعمالهم بالأهداف.
الكبسولة الرابعة: إزالة العوائق من خلال الاتصال الفعال بين المسؤول وفريق التغيير، وتعزيز الحوار بينهم، لتتطابق أقوالهم مع أفعالهم.
الكبسولة الخامسة: تقوية الأداء والتغلب على العقبات، من خلال تعزيز مواطن القوة لدى جميع أعضاء الفريق، وتمكينهم، وتبني أفكارهم الإبداعية، واحتضان الموهوبين منهم، واكتشاف المعوقات بشكل استباقي والعمل على معالجتها، حتى لا ينبت شعور الإحباط لدى الفريق.
الكبسولة السادسة: تحقيق نجاحات صغيرة وليس تمنيها، فالمكاسب المعنوية لا تقل أهمية عن المكاسب المادية.
الكبسولة السابعة: إعلان النجاح عند تحقيقه، والاحتفال مع شركاء النجاح.
الكبسولة الثامنة: تثبيت ثقافة التغيير في العمل، بدءاً من أعلى الهرم المؤسسي وإظهار القيم وراء رؤية التغيير في العمل اليومي، وبذل جهود متواصلة لأجل أن يرى التغيير في كل جانب من جوانب المؤسسة، ودعم القادة للتغيير.
وفي الختام.. نتمنى للمؤسسات السلامة، ونشير إلى أن التغيير سلوك صحي لجودة الحياة في المؤسسات، والخلل فيه يؤدي لنشوء الأمراض، لذلك يقال «درهم وقاية خير من قنطار علاج».