ناهد الأغا
لعل الدور الذي يؤدي رسالته المتحف في أي بلد من البلدان جد مهم، وعلى رأس القائمة في تدرج الأهمية أنه يحمل على عاتقه أولاً تعريف الأفراد والمجتمعات بهوية البلد، دعم ثقافة الفرد وتعزيزها والنهوض بالذوق العام للإنسان والمجتمعات عموماً.
فالمتحف يحتوي في كل زاوية منه قطعة أثرية حق لها أن تكون عنواناً مهماً لفترة تاريخية تعكس ثقافة تلك الفترة.
لذا ومن هذا المنطلق بدور المتحف المهم جداً تقتضي أهميته بإيلائه جل الاهتمام من حيث تصميمه معمارياً من الخارج والداخل.
كون المتحف يمتلك دوراً كسجل بصري ومركز ثقافي يدون تاريخ الأمم ويوثّق شخصيتها على كافة الأصعدة في عصرنا الحديث.
والمتاحف على اختلاف أنواعها تتقاطع بأهداف أهمها:
الحصول على القطع الأثرية والمتحفية وتمكين الباحثين من الاستفادة منها في أبحاثهم والعمل على صيانتها والحفاظ عليها من التلف، وفتح أبوابها على مصاريعها لتعزيز ثقافة الزوار من خلال الاطلاع عليها وتقديم الشروحات المستفيضة عنها.
وهذه النقاط تشترك فيها من حيث الأهداف جميع المتاحف على اختلاف أنواعها سواء كانت العلمي، الفني، الأثري، والمخصص للتاريخ الطبيعي ومتاحف الأطفال.
كما تأتي أهمية المتاحف كونها تلعب دوراً فاعلاً في العملية التربوية وذلك عبر عدة نقاط:
كما أشرنا بداية أن المتاحف هي السجل الإبداعي للشعوب في كافة أصعدة الحياة سواء الثقافية والجمالية والتاريخية.
المتاحف مادة دسمة للمخزون الإبداعي للأطفال وتربيتهم تربية متحفية يشعرون من خلالها بالفخر لتاريخهم.
للمتاحف الدور الأساس في التنمية الابتكارية منذ نشأة الطفل وتلقينه الحفاظ على الهوية الشخصية لبلده ولبقية الأجيال المتعاقبة.
المتاحف تذلل العقبات أمام الجماهير مما يساعدها على استكمال المهمة وتكوين الحافز القوي لتنمية جمالية من خلال التواصل بين الأجيال.
وللأهمية التي تناط لهيئة المتاحف في المملكة نفرد لها الحديث الذي يليق بأهميتها فهي تعمل على تنفيذ مهام جليلة في مقدمتها:
تعزيز مستوى الوعي بقيمة المتاحف والمداومة على زيارتها، ويسبق ذلك العمل على إنشاء قاعدة بيانات تشمل القطاع العام للمتاحف، متابعة جميع الأنشطة والسعي لترخيصها وتسهيل تنفيذها، تحفيز الشركات والمؤسسات الكبرى والأفراد على الاهتمام بالمحتوى التابع للمتاحف والعمل على إثرائه وتطويره، ولعل أهم عمل تقوم به هيئة المتاحف هو تمثيل المملكة في المحافل الدولية والإقليمية من خلال إقامة المعارض وتنظيم الفعاليات والمؤتمرات في الهيئات والمنظمات المحلية والعالمية.
وهيئة المتاحف تأسست عام 2020 وكما هو معروف هي واحدة من 11 هيئة ثقافية صدرت بالموافقة من مجلس الوزراء وتابعة لوزارة الثقافة في إطار رؤية المملكة ونقلتها النوعية 2030 .
صمم شعار هيئة المتاحف برتوش إبداعية تدل على المحتوى المقصود، أي على شكل متحف ويشير بجمال تصميمه المدى الإبداعي للمواطن السعودي.
وتأتي على رأس أولويات هيئة المتاحف تقديم الدعم اللا محدود للممارسين السعوديين والعاملين في قطاع المتاحف، تعزيز قيمة المواهب المحلية بتمكينها وتحفيزها للإبداع في مجالها، كما تعمل على تشجيع الاستثمار والتمويل ضمن المقاييس الخاصة بقطاع المتاحف، ودعم كل ما من شأنه توفير الحماية للحقوق الفكرية والملكية الخاصة ضمن قطاعها، كما تقدم الدورات التعليمية والمنح الدراسية بأعلى مستوى من التقنية الحديثة لتنفيذ البرامج والمبادرات بالشكل الأمثل. وعليه فقد أطلقت منصة إلكترونية خاصة بالبعثات الثقافية الخارجية فور تأسيسها.
ولهيئة المتاحف رئيس تنفيذي تقع المسؤولية في إدارة شؤون الهيئة على عاتقه.. يعينه مجلس الإدارة الذي يترأسه وزير الثقافة، ومهمة مجلس الإدارة تولي الخطط والبرامج التابعة للهيئة والإشراف على تنفيذها.
وهناك نشاطات وبرامج مترفة الإثراء أطلقتها الهيئة على سبيل المثال لا الحصر «تحديات متحفية» عبارة عن جولة مميزة وتدريبية في أغلب مناطق المملكة «الرياض، الدمام، جدة، حائل، أبها».
ويدخل ضمن نطاق التحدي التدريبي في قطاع المتاحف، كما قدمت برنامج الابتعاث الثقافي من خلاله تتيح الفرصة للتبادل الثقافي ضمن رحلة مميزة للمواطن السعودي ليكون سفيراً يحمل ثقافته الثرية في مختلف دول العالم، كما تعمل الهيئة بآخر نشاطاتها على إقامة لقاءات افتراضية لتصميم المتاحف «بين العمارة والفن والناس والبيئة المحيطة».
ومن خلال سردنا لمهام تلك الهيئة وقيمة زخم الأعمال الإبداعية التي تقدمها ضمن النقلة النوعية وتحت عباءة رؤية المجد والفخر رؤية المملكة 2030 لكي يكون للمملكة قصب السبق في قطاع المتاحف الإقليمية والدولية وتسليط الضوء على تراثها الاستثنائي الغزير الذي يضج ثراءً تاريخياً.
ندرك وقتذاك مدى اهتمامها بإنسان يتنفس عبق التراث ليملك بالتالي عقلاً متنوراً وإحساساً راقياً مدركاً جمال التفاصيل، حيث يذهب وينبش ويكتشف ويبحث ليجد نفسه ليس كما كان من قبل تجربته ومغامرته.
وخلاصة القول من لم يزر متحفاً فقد فاته الكثير ليس من الأفكار فحسب، بل من الطموح الذي يوصله إلى الغاية المرجوة في بناء ذاته.