«الجزيرة» - عبدالعزيز بن سعود المتعب:
لن أزيد على ما كتبه سعادة رئيس تحرير صحيفة الجزيرة الأستاذ خالد بن حمد المالك في تأبينه -للمتميز- محمد بن عبداللطيف آل الشيخ -رحمه الله-: (كان -رحمه الله- ودوداً، وصادقاً، وأنيساً، ومحباً للخير، متعاطفاً مع جماليات الحياة، يقول كلمته ويمشي، فلا يعبأ بردود سلبية، وخياراته في الحياة كانت دائماً أن يرى وطنه شامخاً، ومواطنه في عز وكرامة، فقد وظًّف قلمه وفكره وعلاقاته لكل ما يستجيب لتحقيق هذه الأهداف، وقد نجح كثيراً بفضل صموده وقوته، ووقوفه مع الحق. رحل الزميل محمد بن عبداللطيف آل الشيخ، وبرحيله سوف نفقد رجلاً باراً بوطنه، متمسكاً بكل ما يقويه ويطوره ويضعه في الصفوف الأولى بين دول العالم في حدود ما كان يكتبه بقلمه السيّال، وفكره الوقّاد، رغم ما كان يعانيه من ردود فعل في بعضها لم تكن معه، ولم تستجب لطرحه، وكانت في مواقفها على نقيض ما كان يكتبه، لكنه كان يتعامل معها على أن حرية الرأي تقتضي مثل هذا الاختلاف، وتثري النقاش نحو مزيد من التجديد والابتكار).
ولكن سأقتصر حديثي هنا عن دوره الكبير في الحراك الثقافي الأدبي وتحديداً فيما يخص الأدب الشعبي فقد أسّس في منتصف التسعينيات الميلادية مجلة (قطوف) وكان يرأس تحريرها الشاعر والإعلامي فهد عافت وكذلك أسّس مجلة (حياة الناس) وكان يرأس تحريرها توفيق الخليفة وكانت كل منهما فائقة الجودة في محتواها ومواكبتها وتبويبها وقدّمت كل منها أجمل القصائد الحصرية لأبرز الأسماء في الساحة الشعبية ناهيك عن الأخبار والدراسات الأدبية الرصينة واللقاءات الصحفية المختلفة عن السائد النمطي في تلك الآونة وكان كل ذلك بإشراف ومتابعة محمد بن عبداللطيف آل الشيخ المثقف على كل الأصعدة بإحساسه العالي ووعيه ودقته وتعدد مواهبه وذائقته الرفيعة فهو ليس شاعراً فحسب بل أُوتي بنظرته الثاقبة منظوراً نقدياً عفوياً عميقاً وكانت نظرته استشرافية بحيث ناصر قصيدة -التفعيلة- التي كانت شبه محاربة مقارنة بالقصيدة العمودية في المجلات الشعبية وبعض الصحف ومع هذا أُفردت لها المساحات اللائقة بها في مجلتي قطوف، وحياة الناس، وأتذكر في حديث مع الشاعر الكبير الأمير بدر بن عبدالمحسن -رحمه الله- أنني قلت له ما نصّه إن شعر التفعيلة الذي يختزل جمال الشعر لم يحظَ بالاحتفائية اللائقة بجماله في أكثر الصحف والمجلات ممّا ساهم في تسطيح الذائقة الشعرية مع الأسف وقال رحمه الله (لا يصح إلاّ الصحيح) ونقلت ما دار بيني وبين الشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن آنذاك لمحمد بن عبداللطيف آل الشيخ -رحمهما الله- وقال لي ما نصّه نعم كلام الشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن في محلّه وذائقة الناس تتمرحل في جمالها وسيأتي اليوم الذي يميّز القصيدة جمال محتواها لا شكلها وربما أن الشعر الشعبي لم يستسغ كثيراً من متذوقيه التفعيلة -مؤقتاً- علماً أن في جمالياتها في الشعر الفصيح وصنوه الشعبي ما هو غني عن التعريف به وقصائد الأسماء المتميزة وتاريخ الأغنية العربية أوضح دليل، وهذا أمر يُحسب له -رحمه الله- ومن أبرز من كتبوا شعر التفعيلة في تلك الآونة الزملاء في قسم القانون في جامعة الملك سعود والأصدقاء الشاعر محمد بن خالد -رحمه الله- ( خاله وجد أبنائه الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن)، والشاعر عبداللطيف آل الشيخ وهما من أقرب الناس للشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن -رحمه الله- وأشير لما كتبته هنا في صفحة الأدب الشعبي في صحيفة الجزيرة بتوثيق «صورة القصاصة المرفقة» عن الاسم المستعار لمحمآل الشيخ -رحمه الله- ونشر قصيدة له باسمه المستعار (العابر) في 31 مايو 2018 كما أشير لمواقفه الإنسانية الكبيرة مع بعض الشعراء من ماله الخاص جعلها الله في ميزان حسناته وأجزم أنه لم يكن يحبذ طيلة حياته الحديث عنها ولا أزكي على الله أحداً - ولكن جبلت نفسه على الكرم والوفاء والإيثار رحمه الله والناس شهود الله في أرضه.