هناء الحمراني
الحياة المهنية ليست مفروشة بالورود، فقد يجد المرء نفسه يعمل في مجال لا يحبه، ولا يجد فيه نفسه، أو أن سقف المنظمة أقصر من أن يستوعب تطلعاته وطموحاته، أو يضطر للعمل تحت رحمة مدير لا يتقن أبجديات التعامل، ولا يجيد استثمار إمكانات موظفيه، أو الاستثمار فيها.
ولأن ترك الوظيفة- لحسن الحظ أو لسوئه- خيارٌ له تبعاته و مخاطره، يشعر المرء بأنه يعيش في عنق زجاجة مائلة، كلما حاول الوصول إلى فوهة الزجاجة انزلق نتيجة لميلانها، وكلما تجاوز الميلان انخنق داخل العنق، فإذا ما حاول التخلص من عنقها انزلق مجددًا إلى قاعها!
ولأن مثل هذه البيئات تؤثر على الصحة النفسية للموظف وعلى إنتاجيته، كما أنها تستنزف أغلى ما يملكه الإنسان (عمره)، فلابد من أن يجد طريقة يعيش بها في الزجاجة المائلة حتى يأذن الله له بالخروج منها، وأول خطوة للعيش الكريم في هذه المحنة هي تقبل أن ما يمر به هو من طبيعة الحياة المهنية، الخطوة الثانية هي إدراك أهمية هذه المرحلة في تنمية الذكاء العاطفي للتعامل مع مختلف الشخصيات، كما أنها فرصة للنمو بالاستثمار في الذات استعدادًا لحياة (ما بعد الزجاجة).
الخطوة الثالثة هي تحسين العلاقات وتطويرها لتصبح أفضل، وليس المواجهة والتصعيد والانخراط في الشكاوى والقضايا؛ فلا يجتمع الدخول في صراعات مع الآخرين والنجاح المهني.
الخطوة الرابعة هي أن يضع المرء لنفسه خطة استراتيجية تجيب عن سؤال: أين أريد أن أكون بعد خمس سنوات من الآن، ومثل هذا السؤال ينير البصيرة ويوجه المسار ويركز الجهود بعيدًا عن المشتتات الحالية.
الخطوة الخامسة العمل، ثم العمل، ثم العمل، العمل على تعلم مهارات ناعمة ومهنية جديدة، العمل على مهام جديدة في الإدارة وهو التوسع الأفقي في المهام، العمل على مهام جديدة في المنظمة أو خارجها في مستويات أعلى من المستوى الحالي، وهو التوسع الرأسي في المهام. الخطوة السادسة هي أن تسمح لعملك بالخروج من الزجاجة، ويكون ذلك بإبراز فكرك وأعمالك عن طريق وسائل التواصل والمجتمعات المهنية.
كل ما سبق هو تركيز على الذات، بدلًا من الخضوع للظروف، وتنمية للعلاقات، واهتمام بالإنتاجية، وجميعها تزيد من قيمة المرء في سوق العمل، وعندها يصبح المرء قويا بما يكفي ليكسر الزجاجة ويخرج منها أقوى مما كان عليه، وسيدرك أنها احتضنته لكي ينمو، لا لكي يختنق ويموت.