عبدالعزيز بن سليمان الحسين
يعرف الرفق بأنه سلوك اللين في التعامل مع الناس واختيار الأقوال والأفعال التي تتناسب في الحديث مع الناس وتجنب استعمال الشدة إلا إذا لزم الأمر، والرفق أيضاً له العديد من الأنواع ومنها الرفق مع النفس والرفق مع الأهل والأقارب والرفق مع جميع الأصدقاء والرفق يكون حتى مع الخصوم..!
كما أن الرفق واللين صفتان كريمتان، وخلُقان جميلان، فيهما سَلامةُ العِرض، وراحةُ الجسَد، واجتلابُ المحامد. خلُقٌ من أشهَر ثمارِ حُسن الخلق وأشهاها، ومن أظهر مظاهِر جميل التعاملات وأبهاها، خلُقٌ رفيع يقول فيه نبيُّنا محمدٌ صلى الله عليه وآله وسلم: في الحديث الذي رواه جرير بن عبد الله رضي الله عنه (من يحرم الرفق يحرم الخير كله).
وبالتالي فما أحوجنا في الواقع إلى الرفق في القول والفعل، وفي السلوك الاجتماعي والمعاملة، مع الأسرة والأحباب والأصحاب، ومع الصغار والكبار، مع الذكور والإناث، مع الإنسان ومع سائر الكائنات ما أحوجنا إلى الرفق واللين في زمن كثرت فيه مظاهر وأشكال العنف والقسوة والغلظة والجفاء، في البيوت والشوارع والأسواق وغير ذلك من الأماكن العامة والخاصة.
إن الحديث عن الرفق يتجاوز مجرد الكلمات، فهو دعوة لتبني أسلوب حياة يتميز باللطف والتعاطف. الرفق ليس فقط في التعامل مع الناس، بل يمتد ليشمل كل شيء من حولنا؛ بدءًا من العلاقات الإنسانية وصولًا إلى الطبيعة والحيوانات. الرفق هو ما يضفي الجمال والراحة على الحياة، ويزيل القسوة والغلظة التي قد تشوّه العلاقات والمواقف.
في الحديث النبوي الشريف، قال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع عن شيء إلا شانه». هذه الحكمة النبوية والقاعدة المحمدية التربوية تحثنا على التعامل باللطف والرفق في جميع أمور حياتنا، لأن الرفق يزين الأمور ويجعلها أكثر جمالًا وروعة وراحةً.. بل ويحقق التوازن النفسي والعاطفي والوجداني.
ما أجمل أن نخاطب القلوب بلغة الرفق والتلطف، ففي كل قلب توجد زهرة تبتهج بلطف العبارة، فالكلمات الجميلة نهر بارد يداوي ظمأ القلوب. استخدام الكلمات الطيبة التي تنعش الأرواح وتزهر القلوب يصنع عالماً أفضل مليئاً بالحب والتفاهم وروح المودة والوئام.
ومن المؤكد أن الرفق فضيلة دينية وضرورة تربوية تجعل الحياة أجمل وأكثر إنسانية. إنه المفتاح للعلاقات الصحية والمجتمعات المتماسكة والعالم المستدام. فلنبدأ بأنفسنا وننشر الرفق في كل مكان وزمان، ونكون مثالًا يحتذى به في التعامل اللطيف مع كل شخص من حولنا صغيراً أو كبيراً.
فما أروع خلق الرفق ويكفي أنه صفة جمال من صفات الله تعالى، و(الرفيق) اسم من أسمائه الحسنى. قال طبيب القلوب ابن القيم -رحمه الله:
وهْوَ الرَّفِيقُ يُحبُّ أهلَ الرِّفْقِ
بَلْ يُعطيهمُ بالرِّفقِ فَوْق أمَانِي