في مجتمعنا الرياضي هناك نماذج رائعة وأسماء لامعة جمعت المبادئ والقيم والنبل والأخلاق العالية فرحلت وقد تركت في أفق الذاكرة سيرة عطرة وسمعة نيرة ما زالت حاضرة في القلوب والوجدان.
الفراق صعب جداً لأنه من المؤلم أن تفارق روحا كانت جزءا منك دون أن تحزن ودون أن تتألم لذلك لا يوجد أصعب من فراق الأحبة.. يرحلون ويتركون في القلب ندبات لا يزول أثرها حتى لو توالت الأيام.. وهرولت الشهور.. ومرت السنون.. بدونهم يبكي القلب ويجف بكاء العين فما أصعب ذلك الرحيل..! ولا شك أن الأثر الطيب الذي يتركه الإنسان بعد وفاته ورحيله عن هذه الدنيا الفانية هو عمرآخر فبذكره الحسن وتناول سيرته العطرة والثناء عليه يكون سببا -بإذن الله- لعفو الله تعالى عنه بعد الدعاء له وذكره الطيب.. وأنتم شهداء الله في أرضه.
ومن هذه القامات النموذجية التي ما زالت حاضرة في ذاكرتي أخي ورفيق الدرب الصديق الصدوق الدكتور (صلاح السقا) رحمه الله تعالى الذي رحل عن دنيانا الفانية قبل عدة أشهر بعد معاناته المرضية فأخي الغالي (أبو أحمد) عاصرته وزاملته أكثر من أربعة عقود زمنية مثلنا سويا فريق الرياض لكرة القدم في مراحله السنية حتى وصولنا للفريق الأول في الثمانينيات الميلادية من القرن الفائت، حيث مثل فريق الرياض في خط الدفاع قرابة ثمانية أعوام ومنتخب المملكة للشباب في تلك الأيام الخوالي قبل أن يشد الرحال إلى الولايات المتحدة الأمريكية لمواصلة تعليمه العالي ليعود في أوائل التسعينيات الميلادية وهو مرصع بالعلم والمعرفة حاملا شهادة الدكتوراه في تخصص دقيق ونادر في (علم النفس الرياضي) بعد ابتعاثه من جامعة الملك سعود فعمل في المجال الاكاديمي وقدم عديدا من البحوث الرياضية النفسانية الرصينة في المكتبة الرياضية، ولم ينقطع من خدمة عشقه الكبير نادي الرياض بل ظل من الداعمين للفريق عندما عملت في المجال الإداري في عصر المدرسة الذهبي (التسعينيات الميلادية) التي شهدت في عهد الرئيس الذهبي الراحل الأمير فيصل بن عبدالله بن ناصر -رحمه الله- دخول النادي العاصمي العريق (الرياض) عالم المنجزات ومصافحة الذهب وسط كوكبة من النجوم الكبار والأسماء الرنانة التي كانت تعج بهم خارطة المدرسة في تلك الفترة، حيث شكل وجود د.صلاح السقا كخبير في «علم النفس الرياضي» في دعم العمل الإداري الإشرافي لتتكامل أضلاع مثلت النجاح آنذاك (إدارة وجهازا فنيا ولاعبين على قدر كبير من المسؤولية والانضباط) خلاصتها صعود الفريق في عصره الذهبي إلى منصات التتويج والألقاب التاريخية في مسيرة مدرسة الوسطى.
تزاملنا معاً أعواماً طويلة وخدمنا نادي الرياض في المجالات الفنية والإدارية والشرفية وكان الراحل (أبو أحمد) من النماذج الوفية والأسماء المخلصة التي خدمت النادي أعواما طويلة وفي مواقع مختلفة حتى ترأس المدرسة في مرحلة مهمة قبل اختياره في العضوية الشرفية في مجلس الاتحاد السعودي لكرة القدم.. فرحل بعد معاناته المرضية تاركا سيرة عطرة وسمعة طيبة كسب بها محبة الجميع في الوسط الرياضي والإعلامي.
ولكون الراحل د.صلاح السقا يستحق التكريم حتى بعد وفاته من إدارة نادي الرياض الحالية عرفانا ووفاء وتقديرا لما قدمه - رحمه الله - من تضحيات كبيرة وخدمات جليلة من أجل رفعة المدرسة وعلو شأنها في أعوام خلت، ولذلك أقترح إقامة مسابقة لحفظ القرآن الكريم تحمل اسم ابن النادي الوفي (صلاح السقا)، تنظمها إدارة المسؤولية الاجتماعية بنادي الرياض ضمن تفعيل الأنشطة الثقافية في مسيرة هذا النادي العاصمي العريق تشجيعا لفئات المجتمع على حفظ القرآن الكريم.. وعنواناً للوفاء والعرفان لمن يخدم المدرسة بكل إخلاص وتفانٍ.
** **
سلطان الدوس - أمين عام نادي الرياض - سابقاً