سهوب بغدادي
قال تعالى: {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، تعد مدينة جلاجل خامس أفضل مدينة صحية حول العالم، بتصنيف من منظمة الصحة العالمية، وقد حصلت المدينة على الاعتماد من المنظمة منذ 2018، بعد أن توفرت فيها معايير متعددة هي: الصحة، والأمن، والتعليم، علاوةً على كونها مدينة فريدة من نوعها، فلقد خرج منها العديد من الرجالات الذين ساهموا في رفعة هذا الوطن الحبيب في مجالات شتى على مر الأزمان، من هذا المنطلق، وددت أن أرى هذا المكان بعيني وأتوقف على أبرز ما فيه، ففي مثل هذا اليوم الأسبوع الماضي ذهبت في رحلة من الرياض إلى المدينة الصحية برفقة الوالد -حفظه الله- ولمست الاهتمام بالطرقات والشوارع والمساحات الخضراء فور دخولي المدينة، فيما رافقنا أحد الأوفياء من سكان المدينة ونصحنا بالذهاب إلى أبرز معالمها، "قصر الربيعة الأثري"، إذ اصطحبنا الأستاذ مسعود بن محمد الجبلي مشكورًا إلى موقع البيت وقت الغروب، فلفتتني الأزقة الخارجية واللصيقة للبيت التي تنم عن تقارب المجتمع آنذاك، ولون الطين والصخور والنقوش ونوعية البناء الفريدة، بدايةً يتم استقبال الزوار بالقهوة السعودية و الرطب الذي جُني من ذات حديقة البيت، وكانت محتويات المكان والمقتنيات خلابة تدل على الزمن الجميل وحياة أجدادنا بالإضافة إلى المخطوطات القيمة، وتوقفت أمام صورة ملهمة جمعت بين كل من: معالي الدكتور عبدالله الربيعة، ومعالي الدكتور توفيق الربيعة، ومعالي الأستاذ محمد الجدعان، ومعالي الأستاذ فهد الجلاجل، وإلى جانب تلك الصورة كانت هناك صورة أخرى لعميد أسرة الربيعة الشيخ فوزان بن محمد الربيعة -رعاهم الله جميعًا- بعدها حل وقت صلاة المغرب، فصلينا في المسجد الكائن في ذات البيت، وخرجنا منه وقد شُرعت الأزقة بالأنوار الآسرة، باعتقادي أن جمال هذا المكان يكمن في روح البساطة التي يعكسها، وأجزم أنه مكان ملهم للجميع خاصةً للطلاب عبر الرحلات المدرسية، فيما أكبر دور وزارة الثقافة وهيئة التراث البارز في مثل هذه المواقع الشاهدة على تاريخنا العريق، ونتطلع إلى المزيد من هذا الإرث النفيس في وطننا الغالي..
ختامًا، لم أتوقع أنني كنت سأخرج من تلك المدينة بهذه التجربة والمشاعر من عراقة وكرم الضيافة، وتاريخ أصيل نباهي به ونفخر، ولن تكون الزيارة الأخيرة بإذن المولى.