لم تكن ليلتها الأولى التي تصارع فيها النوم، يهمس السكون في مسمعها أن اهدئي فيباغته صوت فوضى يعتري روحها،
تحاول كل ليلة دون جدوى..
تتعطر وتسدل شعرها تبحث بهما عن راحة..
تتقلب كثيراً ككرة في ملعب مستطيل، لا العرض يسعها ولا طوله يمتد لها، يغفو الجمع فتتزاحم عليها بنات أفكارها للسمر ... أولسن وليدات الوسادة؟! وقتهن ...
تكتكات الساعة، صمت الشارع، غرغرة القط...قطرات المطر...أصوات تنتبه لها كأول مرة فتنصت بتمعن ... أربكها لحاف سريرها الرمادي فهو لم يعد يشعرها بدفء المساحة..
تمد يدها لطاولة الجنب ... تحمل هاتفها ... تلقي نظرة على سهرها.. الرابعة إلا خمسين تنهيدة وليلة ... يطول الليل عليها ويبتعد الضوء أكثر وكأنه يزيد من وحشته ...
تراجع يومها: صليت، دعوت، قرأت وردي، وتوضأت وتجهزت بعد العِشاء فما الذنب الذي اقترفت ليهجرني نعاسي!
تغمض عينيها في محاولة للصلح مع الخصم.. تتشكل دوائر التيه الساطعة داخل البؤبؤ تدخل المتاهة غمضة غمضة.. تركن إلى زاوية السواد العاتم..
يعلو صوت السكون..
يرتفع همس الصمت..
تأبى التقلب على جنبها الآخر خشية البدء من جديد.. تترقب غفوة.. يسقط اللّحاف أرضا..
يصيح الديك فجرا...
تتلاشى الغرفة حولها لتزيد مساحة الظلام، فتجد نفسها واقفة في مكان مغمور بالضباب والظلام... تحاول اختراق الرؤية بحثاً عن نور يتسلّل من ثقب الباب.. تتخطفها نسمة هواء فجرية..
تشعر بالهلع ...
تلتفت حولها لا شيء واضح... ظلام دامس.. فقط بقعة الضوء تخترق هذا السواد..
قبل أن تتمكن من التصرف أو تحرك ساكناً...يظهر أمامها شخص غريب يرتدي زيّاً مميزاً...لا يمكنها أن تراه بوضوح، يقترب الشخص، تبتعد هي وراء... يمد يده باتجاهها، وعندما تلامس يدها، تنغمر في ضوء مشرق.
تستيقظ فجأة في سريرها، وتجد نفسها في غرفتها المألوفة، الضوء يتسلّل من بين الستائر، والسكون يعم الغرفة، تضع يدها على صدرها لتهدّئ التنفس، وتشعر بالراحة.. تتذكّر أن كل ما حدث كان مجرد حلم، تنظر حولها، تجد شيئًا على طاولة السرير: مرآة ذهبية مرصّعة بأحجار لؤلؤ برّاقة، ومعها ورقة ملفوفة بعناية بجانبها: «يا أنا نحو بداية جديدة» ...
** **
- الريم حجوج