د.شريف بن محمد الأتربي
أطلقت المملكة رؤيتها 2030 ومن ضمن برامجها برنامج جودة الحياة، وظن الكثيرون أن هذا البرنامج يتضمن فقط الفعاليات وتطوير المتنزهات، وأماكن التريض وغيرها من الأدوات والممكنات التي تسهم في رفع جودة الحياة، وتناسى الكثيرون أن كل هذه الأمور ترتبط ارتباطا وثيقا بما يشعر به المواطن والمقيم في مقار عملهم من راحة واطمئنان من خلال العلاقة التعاقدية التي تبرم بينهم وتعطي كل ذي حق حقه، وهذا ما عملت عليه وزارة الموارد البشرية منذ تولي سيدي سلمان وعضيده سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان سدة الحكم في مملكتنا الحبيبة، ولعل آخر التعديلات التي أعلن عنها قبل أيام قلائل توضح للجميع مدى الجهد المبذول من قبل معالي وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية المهندس أحمد بن سليمان الراجحي، ومعالي نائبه معالي د. عبدالله بن ناصر أبوثنين لتحقيق رؤية المملكة 2030: مجتمع حيوي ممكن، وبيئة عمل متميزة نحو سوق عمل جاذب. من خلال: تمكين الفرد والمجتمع والمؤسسات في السعودية، وتعزيز المسؤولية المجتمعية، والارتقاء بسوق العمل من خلال تطوير السياسات والتشريعات، وتمكين منسوبي الوزارة من تقديم تجربة مميزة للمستفيدين.
جاءت التعديلات لتشمل سوق العمل السعودي بكافة أطيافه من مواطنين ومقيمين نساء ورجال، حيث كانت المادة الأولى من التعديل تنص على عدم التفضيل بين المتقدمين للعمل على أساس العرق، أو اللون، أو الجنس، أو الإعاقة، أو الحالة الاجتماعية.
كما شملت التعديلات ما يتعلق بموضوع الإجازات حيث أتاحت للعامل الحصول على إجازة لمدة 3 أيام في حالة وفاة أخيه أو أخته بعد أن كانت الإجازات تشمل الأقارب من الدرجة الأولى فقط، مع تحديد أن تكون مدفوعة الأجر، كما أعطي العامل الحق في الاختيار ما بين الحصول على إجازة مدفوعة الأجر، أو مقابل مالي عند العمل لساعات إضافية.
نصت هذه التعديلات أيضا على ضرورة توفير حقوق المتدرب وصاحب العمل وتحديد واجبات كل منهما في عقد التدريب.
كان من أهم المشكلات التي تواجه العمالة مع أصحاب الأعمال ما يتعلق بفترة التجربة والاستقالة، وإنهاء عقد العامل في حالات معينة، حيث جاءت التعديلات لتقنن هذه النقاط بشكل واضح، حيث تم تحديد فترة تجربة عقد العمل بحيث لا تزيد على 180 يوما، وتم إضافة تعريفات جديدة مثل (الاستقالة) و(الإسناد)، بالإضافة إلى شرح إجراءات الاستقالة. وكذلك جواز إنهاء عقد العامل بعد تأكيد أو حكم نهائي من المحكمة في إجراءات الإفلاس.
كما تم تعديل فترة إشعار إنهاء العقد إلى 30 يومًا إذا كان العامل هو الطرف الذي أنهى العمل، و60 يومًا إذا كان صاحب العمل هو الطرف الذي أنهى العمل، وهذه ميزة أخرى أضيفت إلى العامل حيث أصبح بإمكانه التنقل خلال 30 يوما فقط من عمل على عمل جديد إذا كان هو من تقدم باستقالته، وأمامه 60 يوماً للبحث عن عمل إذا كان الإنهاء من قبل صاحب العمل مما يكفل له مصاريف معيشته خلال فترة بحثه عن عمل جديد.
وأخيرا ضرورة تحديد آلية مدة العقد في عقود العمل للعمال غير السعوديين خاصة مع الغموض الذي كان يكتنف هذه العقود من حيث كونها محددة المدة أم مفتوحة المدة؛ مما يؤثر على مستحقات العامل عند مغادرته العمل سواء مستقيلا أو بالإنهاء من قبل صاحب العمل.
لقد جاءت تلك التعديلات لتعكس التزام المملكة العربية السعودية بتحسين بيئة العمل وتنظيم العلاقات العمالية بطريقة تضمن العدالة والشفافية بين الأطراف المعنية، كما تبرز هذه التعديلات حرص وزارة العمل بكافة منسوبيها وقيادتها على توفير بيئة عمل آمنة لكل العاملين في كافة القطاعات؛ مما ينعكس بدوره على الإنتاجية والتنافس داخلياً وخارجياً.