منصور بن صالح العُمري
عجباً لهذا الحب، كيف يتنامى حجمه، ويتعدد نوعه، ويتوسع شموله، حقاً إنه من أعجب ما وضعه الله في قلوب خلقه.
ينشأ الطفل على حب والديه فلا يظن أن ثمة متسعاً في قلبه لسواهما، ثم يمنحه الله إخوة وأخوات فيجد في قلبه مكاناً جديداً يتفجر حباً مع تنامي حبه لوالديه، وبعدها تضم قائمة أحبابه العديد من الأصحاب بين باقٍ ومرتحل ويتسع القلب لهم جميعاً، ثم تأتي شريكة العمر فتأخذ مساحتها الخاصة وتناميها مع تنامي المودة والرحمة والعشرة، ثم يأتي من بعد ذلك زينة الحياة الدنيا، تظن أن الأول منهم سيملأ ما تبقى من قلبك، فإذا حب الوالدين يزداد لأنك عرفت بحبك ابنك كم كان أبواك يحبانك، فيأتي بعده المولود الثاني وهكذا يتسع قلبك لحب جديد لا تسعه الأرض بما رحبت، لكن قلبك الذي بحجم قبضة يدك يسعه كما وسع ما سبقه ويكفي لتناميه، ثم يأتي من بعدهم أضياف جدد يجددون بقدومهم حياتك، ويجذرون شجرة وجودك أحفاد يتعاظم بقدومهم الحب بصورة تثير دهشتك من هذا الشعور الطاهر.
ثم إذا تأملت حبك الأكبر والأعظم لخالقك أدركت عظمة الله الذي خلق هذا الحب وهذا الوعاء الصغير الذي يتسع لمحبة ليس لها حدود تنتهي إليها، ولا حجم تقف عنده ولا تعدد نوعي يكفيها، وفي كل لحظة من لحظات العمر يتنامى حتى وإن رحل من تحب. فسبحان الله الحبيب الأعظم على قدرته.