سهوب بغدادي
يمثل القلب في غالبية الثقافات واللغات رمزيةً للمشاعر والحب، لطالما رأينا قلوبًا حمراء على أغلفة الهدايا والدفاتر ومختلف الحاجيات، كما انتقلت هذه القلوب بطريقة معاصرة إلى مواقع التواصل الاجتماعي و«الشات» عبر الرسائل النصية و«الايموجي» التعبيرات، فهناك القلب الأحمر، والوردي، والأبيض، والأصفر، والأرجواني، والقلب المكسور -حمانا الله وإياكم منه-.
أرى أن تلك القلوب حقيقية فعلًا وليست مجرد صور أو تعابير معاصرة لتعبئة فراغات النصوص في جميع الأحوال، خاصةً ذلك القلب المكسور المأخوذ من عبارة «قلبي انكسر أو لقد كسرت قلبي»، مما يثير التفكر والتساؤل عن ماهيته الحقة، بحسب (مايو كلينك) إن متلازمة القلب المنكسر غالبًا ما تؤدي بالشخص إلى قسم الطوارئ؛ نظرًا لكون أعراضها تتشابه بشكل كبير مع أعراض النوبة القلبية المشخصة إكلينيكيًا، بمعنى أن الشخص قد يشعر بألم شديد في القلب في حالات الخيبة والحزن والرفض وغيرها من النوائب -لا أراكم الله مكروهًا- فما الشيء الذي يؤدي إلى تلك المراحل المتقدمة من الألم؟ وما الشيء الذي يدفع الإنسان لإيذاء قلبه لذلك الحد؟ أكاد أجزم أن كل شخص قد وصل إلى تلك المرحلة، وقد عاش تجسيد ذلك القلب المنكسر الظاهر على الشاشات، وأعلم أيضًا أن قلوب بعضنا مهشمة، وبعضها الآخر ينبض بالكاد لكي يعيش، فمن واجه الانكسار يومًا سيلملم أشلاء قلبه بأي طريقة كانت، وستبقى آثار الغرز شاهدًا على ما بذلت، ليس كلامي هذا دعوة للتبلد، أو التلاعب، أو رفض الآخرين -وإن فعلت ذلك لفترة بعد التناثر- إنما ومضة للتفكر في المبذول منك مستقبلًا، مادام هذا القلب ينبض، فبه حياة ولله الحمد، وما نصبو إليه أن يكون مفعمًا بها ولائقًا بك.
إن قلبك مكون من قطع عديدة، هناك ما يبقيك حيًا، وهناك ما تحب به غيرك، وهناك ما تحب به نفسك على حد سواء، فلا تعطي جميع القطع لشخص واحد أو شيء واحد، كمن وضع جميع أمواله في سهم واحد، فخسر وانهارت معه حياته!
إن الأمر صعب وبمثابة التحدي للشخص، فمنا العاطفي والمندفع والبريء، ولا يستحق جميع من يعبر طريقنا أن يهيمن على كل ما فينا، ولا ينبغي أن نصنف قرارات الأشخاص بناءً على العقل أو القلب، فهناك من يتمكن من الجمع بينهما كأن تحب بعقل، وأن تتعقل وتعي بحب.
ختامًا، لا تستخدم القلب المكسور سوى مع شخص مر بجميع ألوان قلبك.. بالنسبة لي، فأستخدم القلبين الوردي والأحمر فقط بحسب المواقف والأشخاص.