الثقافية - علي القحطاني:
في عالم مليء بالتحديات والصعوبات و يتسم بالتسارع والتغير المستمر يبقى الشغف القوة الدافعة التي تُلهم الإبداع وتُحفز الأفراد على تخطي العقبات..
يتناول هذا اللقاء مع الأستاذ أحمد طابعجي ، المدرب في فنون القراءة ومقدّم فقرة «كتاب الأسبوع» على إذاعة بانوراما FM، الذي يسلط الضوء على تأثير الشغف في مسيرته وكيف يمكن للآخرين اكتشاف شغفهم واستخدامه كدافع لتحقيق طموحاتهم. ليؤكد أن الشغف وحده قد لا يكون كافيًا، ولكنه مع التجربة المستمرة واستكشاف الذات، يمكن أن يتحول إلى قوة دافعة لتحقيق الطموحات.
الشغف
* الشغف يُلهم الإبداع ويُحفز على تجاوز التحديات.. كيف أثّر شغفك على مسيرتك الشخصية والمهنية؟ وما هي الخطوات التي توصي بها للأشخاص الراغبين في تحديد شغفهم واستخدامه كدافع لتحقيق طموحاتهم؟
الشغف وحده لا يكفي؛ فالإنسان معرّض للانطفاء فتخفت حينها شعلة الشغف، وحتى يتوقد الشغف بشكل مستمر علينا إيجاد المعنى فيما نقوم به من أعمال ومهارات وكيف تعزز فينا الثقة والدافعية، ويكون ذلك بالتجربة وخوض التحديات التي تصقل الميول وتحدده مع مرور الوقت، حتى نصل للمسار المعرفي والعلمي الذي نستمتع به ونستزيد بالقراءة والتدريب وحضور اللقاءات والمؤتمرات وتوطيد العلاقات التي تساعد في تنمية الشغف.
التحفيز
* كيف تؤثر الكتب التحفيزية في حياة القرّاء؟
القراءة فعل مُحفز، حتى وإن كان الكتاب غير مناسب لأي سبب فإن القارئ سيجد المخرج للوصول لكتاب آخر يحفزه للاستمتاع والاستزادة، وتأثيرها يكون بالعمل به والصبر على تراكم المعارف، لتأسيس أرضية ثقافية ينطلق منها القارئ فاعلا وعاملا في مساحات الحياة.
عالم القراءة
* هل من الممكن التغلب على شعور «ثقل» القراءة لدى بعض المبتدئين في عالم القراءة؟
التخفف من إلزامية الانتهاء من الكتاب غير المرغوب فيه، فأغلب القراء يشعرون في بداية صداقتهم بالكتاب بأنهم مجبورون على الانتهاء من الكتاب حتى وإن كان غير مكافئ لمستوى فهمهم القرائي؛ لذلك الاطلاع على الكتب من مجالات عديدة يجعل القارئ متحررا في اختيار المجال الأنسب له، ومن ثم اختيار الكتاب الأنسب والصبر عليه ومقاومة القفز على الصفحات حتى ينال منه بالاستمتاع والتركيز.
الأخطاء الشائعة
* وما هي بعض الأخطاء الشائعة التي تُرتكب أثناء اختيار الكتب.. وكيف يمكن تجنبها؟
من الأخطاء الشائعة عند بعض القراء هو التوجه فورا للكتب الأكثر مبيعا، وقد تكون كذلك ولكنها غير مناسبة لقارئ دون آخر، لأن الكتاب مثل طبق الطعام الغني بالنكهات الذي قد يناسب شخصا ولا يناسب الآخر، كما أن القرار في اختيار الكتاب لا يكون ملك توصيات الآخرين، فالتوصيات يؤخذ بها للاطلاع والتجربة ولكنها قد لا تناسب الجميع لاختلاف الأذواق. ومن الأخطاء أيضا شراء الكتاب دون الاطلاع عليه، فالطريقة الأمثل عند اقتناء الكتاب هي تصفحه وقراءة مقدمته ونوعية الورق والطباعة حتى يصل لقرار اقتنائه وقراءته.
كتاب الأسبوع
* كمدرب في فنون القراءة ومقدّم فقرة «كتاب الأسبوع» على إذاعة بانوراما FM، كيف تُقيّم دورك في تحفيز الأفراد على القراءة؟ وهل تعتقد أن هذه الأنشطة قد أحدثت تغييرًا ملموسًا في عادات القراءة لدى جمهورك؟
تحفيز المجتمع على القراءة رسالة أعمل عليها بطرق مختلفة، منها الفقرة الإذاعية التي قدمتها سابقا عبر إذاعة بانوراما fm والتي بلغت أكثر من 250 مراجعة لكتب مختلفة. بالإضافة إلى المحاضرات والدورات والمحتوى الثقافي الذي أقدمه عبر وسائل التواصل الاجتماعي. كل ذلك كان له صدى وتأثير على الجمهور من خلال تفاعلهم وسؤالهم وفتح مساحات الحوار التي أكدت لي أن نسبة القراء في ازدياد بفعل كثير من المؤثرات المحيطة بالمجتمع، فالاهتمام الثقافي الحالي اتسع ليشمل كل المجالات الثقافية من تراث وفنون وآداب وهذا محفز جدا لدفع الأفراد للقراءة والاطلاع وإشباع الفضول المعرفي.
ثقافة الطفل
* في رأيك، كيف يمكن للسرديات والقصص الأدبية والكوميديا المصورة، والروايات القصيرة أن تساهم في جذب اهتمام الأطفال واليافعين؟ وهل لديك أمثلة على كيفية تطبيق هذه الأنواع من الكتب في الفصول الدراسية أو الأنشطة الثقافية؟
أدب الأطفال واليافعين مجال أدبي تتفرع منه أجناس مختلفة باختلاف الفئات العمرية ومستويات تنمية الطفل واليافع ثقافيا ولغويا. فالقراءة للأطفال تبدأ من التهويدات ورواية القصص عليهم وتمثيلها وتفعيلها من خلال أنشطة متنوعة، كما أن البيت له الدور الأكبر في اعتياد الأطفال على القراءة بوجود المكتبة المتنوعة والأسرة القارئة وإتاحة الكتاب لهم بشكل ماتع وترفيهي. فحين يختار الطفل الكتاب لقراءته، لابد أن نعي أهمية اقتناعه هو أولا بمحتوى الكتاب مع حفاظنا على محددات الاختيار من قيم وأخلاق.
كما أن صناعة الكتاب للأطفال واليافعين من الطرق الجاذبة لهم، وهذا ما نراه من تطور جيد عند دور النشر المخصصة للأطفال في إبداعهم بإخراج الكتب بأشكال وتقنيات تساعد على العيش على تفاصيل الأحداث. فمثلا ينجذب اليافعون لقراءة القصص ذات الفصول أو الروايات القصيرة وكتب المانجا والكوميك، لأن أحداثها وشخصياتها تناسب واقع واطلاع اليافع في حياته اليومية. وحين نتجه مثلا للكتب الحوارية المخصصة للأطفال نجد أن الحوارات غير المباشرة يُمكن أن تشكّل مساحة حوار فعلي بين الطفل ومن يشاركه القراءة كأب أو أم أو أحد أفراد الأسرة البالغين، ويمكن أيضا تحويل القصة الحوارية لمسرحية صغيرة بتقمص شخصياتها وإيجاد بيئة تشبه القصة لنقلها بشكل ممتع من حالتها المكتوبة لمسرحتها. وبهذا تساهم هذه الأجناس الأدبية في جذب الأطفال واليافعين بتنوع واستمرار بتقدمهم العمري.
مشاريع ثقافية
* من خلال مشاركتك في معرض الكتاب الذي أقامته جمعية الأدب والأدباء بالمدينة، كيف رأيت دور الفعاليات الثقافية في استثمار المواهب وتحويلها إلى مشاريع ثقافية ناجحة؟
رؤية المملكة في تجويد حياة المجتمع من خلال الأنشطة والفعاليات الثقافية ساند كثيرا في استنطاق المواهب والمهارات الثقافية عند الأفراد. يتم ذلك من خلال وجود الدورات التدريبية لصقل المهارات، والندوات واللقاءات التي تفتح نوافذ الاطلاع على التجارب والمعارف المتنوعة، وصناديق التمويل الثقافي للمشاريع الناشئة والمتوسطة، وغيرها من البرامج والخدمات المقدمة. كل ذلك وأكثر ساعد أصحاب هذه المواهب على استثمار مواهبهم والمشاركة في المحافل الفنية والثقافية والدخول لعالم الأعمال الثقافية لتكوين رأس مال ثقافي. كما أن المملكة العربية السعودية تتمتع بأصول ثقافية من آثار وآداب وفنون شكّلت مصادر قوى لإثراء مواهبهم والانطلاق بمهاراتهم وفق هوية ثقافية أصيلة وثابتة لتشكيل مجتمع حيوي وفعّال.
** **
@ali_s_alq