خالد بن حمد المالك
حزب الله اللبناني لم يمت بعد، إذ إنه لا يزال يُعاند الموت، يستقوي عليه، يُقتل ويُصاب منه الآلاف، ويقول أمينه العام حسن نصر الله إن ما حدث يومي الثلاثاء والأربعاء إنما قوّى قدرة الحزب، قبل أن يرى ما حدث يوم الجمعة، ويقول الأمين العام المساعد للحزب إنهم سيزيلون إسرائيل، ويجعلونها كعش العنكبوت، فيما لا يزال الحزب في غرفة الإنعاش.
* *
إسرائيل لم تعد تقتل بالفرد، وإنما بالكوم لقادة وعناصر الحزب، وتتوعَّد بما هو أخطر ثم تُنفذ، وتُفاجئ ميليشيا الحزب بما لم يكن في حساباتها، دون رد مناسب منها؛ ما شجَّع إسرائيل على إضعافه وإن على مراحل، وبأساليب مختلفة.
* *
نعم حزب الله لا يزال يتنفس، ولكنه غير قادر على الحركة، وعلى الانتقام، وعلى تنفيذ تهديداته، وهو الآن في وضع لا يُحسد عليه، فالضربات تصل إليه من كل اتجاه، وقد أتعبته نيران العدو، وقوَّضت ما كان يقول أمينه العام بأن لديه قوة قوامها مائة ألف مقاتل يستطيعون إزالة إسرائيل.
* *
ما يثير الانتباه أن حزب الله مخترَق من إسرائيل، وأن عملاء للعدو يسرحون ويمرحون بين ميليشيا الحزب، وبين قادته، وأن البيجرات إن لم تكن صناعة إسرائيلية، فإنها هي من دسَّت المتفجرات داخلها، دون أن يكون للحزب علم بأنه يقف على أرض عسكرية هشة.
* *
حزب الله، وعلى لسان أمينه العام يقول إن رواتبهم وسلاحهم ومعيشتهم تأتيهم من إيران وهذا صحيح، ما جعله أمام ذلك يعطي ظهره لإخوانه العرب، وتحديداً لداعمي لبنان - دول مجلس التعاون - معتمداً على إيران، غير عابئ بما ألحقه دعمها بلبنان واللبنانيين من أضرار.
* *
لا أتشفَّى - والله - حتى وحزب الله يتآمر على دولنا، ولكنها مرارة الأسى تصدر من القلب لهذا الوضع الذي يمر به لبنان الشقيق، دون أن يكون له حول ولا قوة، وإلى هذا العدد من القتلى والمصابين من المدنيين، وهذا الحجم من الدمار، على أيدي عدوٍ لا يرحم، بعد أن وفر له الحزب الغطاء ليرتكب كل هذه الجرائم.
* *
حسن نصر الله لم يصله من إسرائيل ما يلحق الضرر به شخصياً، وهذا لُغزٌ كبير، إذ كيف لتل أبيب أن تتعرَّف على مواعيد وأماكن الاجتماعات للقادة وتُجْهِز عليهم، بينما أمين الحزب في أمان وهو يلقي خطاباته واحداً بعد الآخر دون أن يصل إليه جيش العدو كما وصل لغيره، إلا إذا كان يلقيها من إيران.
* *
ومع كل ما حدث، من قتل لقادة وعناصر حزب الله، واعتداءات متواصلة على لبنان واللبنانيين، فإن الحزب هو الآن تحت التهديد المتواصل، وكل المؤشرات تشير إلى أن مجازر العدو سوف تتواصل ما لم يتوقف حسن نصر الله وميليشياته عن تهديد عودة الإسرائيليين المحتلين إلى منازلهم في الشمال الفلسطيني المحتل، وما أتوقعه أن مَن هو في غرفة الإنعاش - وأعني به حزب الله - لن يكون قادراً على مواجهة النار بالنار.