الهادي التليلي
من المفاهيم المركزية في علوم التنمية الحضرية هي المثابرة، هذا المفهوم من تشبع به تقدم وتطور، ومن زهد عنه وتوهم أنه يمتلك كل أسباب العلم والمعرفة وحقق كل أصناف ومراحل وخطوات التقدم والنهضة فقد حرم نفسه من التطور والنماء؛ لأن المعرفة الحقيقية هو الوعي بأنك لا تعلم شيئا على حد قول سقراط، معلم وأستاذ أفلاطون؛ فالمثابرة تقتضي أساسا التواضع والتسامح مع الآخر ومع النفس قبل ذلك، فمن لا يتسامح يحكم نفسه بقيود فكر قاتلة وأحقاد تكون عائقا إبستمولوجيا أمام المعرفة والتعلم والتسامح في الأساس مع ما يتعارض مع المعتقد والرغبة والعرق؛ لأن المعرفة في أساسها لا إنسانية وإن كانت إنسانية المنشأ فإنها ترتفع عن الأهواء والنوازع التي تعيقها بمثل هذا العمق، كان المنوال التنموي السعودي مترفعا عن كل العوائق الإيبستمولوجية بل كان وسيبقى كونيا يحتضن كل المعارف الإنسانية وأسباب التطور مع المحافظة على الهوية والتجاذبات الإقليمية، منوال منسجم مع رؤية قيادتها 2030 وتطلعات شعبها بمختلف أجياله مع إعطاء مساحة حلم وألق لأجيالها الواعدة بتشريعات وأنظمة وحوافز تجعل من الجميع شركاء في عملية البناء التنموي المتجدد شراكة في المستقبل والنجاح فكل فرد مفتاح نجاح وباب أساسي للدخول إلى عالم المستقبل بكل ألق و إبداعية وثقة في النفس.
ما تحقق في المملكة من نجاحات ومكاسب في المملكة يحتاج إلى موسوعات لتعداده وتفحصه وتحليل آثره ولكن لأن مفهوم المثابرة مركزي في المقاربة التنموية السعودية الحديثة فالعمل صيرورة دائمة والحلم الإبداعي لا يتوقف بقدر ما يفضي إلى مدارات أوسع وهو ما يترجم المرتبة التي أصبحت تحتلها المملكة بين الأمم والمكانة التي صارت تتبوأها في المجتمع الدولي. إنها ملحمة متكاملة نتائجها تحيل مباشرة إلى بدايات جديدة وطموحات أوسع، إنها جهد لا يتوقف وإبداع دائم يحمل الماضي والحاضر في طياته لبناء مستقبل واعد.
فما هو أحلام لدى الآخرين هو متحقق لدى المملكة، ولكن أحلامها تحققها هي وتثابر من أجل تحقيق أحلام تفضي إلى غيرها.