منصور بن صالح العُمري
من أصدق ما قاله شاعر: قول أبي الأسود الدؤلي:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
ولا سراة إذا جهالهم سادوا
وحين تموج الدنيا بأحداث عظام، ويكثر الهرج، وتتهاوى البيوت على ساكنيها، ويرمي بهم الدمار إلى أماكن أخرى - جماعات وأفرادا- أماكن لا يجدون فيها الراحة ولا يطعمون ما يكفيهم ولا يهنؤون بنوم، مع فقد يحل عليهم؛ فينتشل بعضهم بلا وداع، وربما جُمعت أشلاؤهم بعد أن بعثرها القصف الغاشم. ولا شك أن مشاهدة هذه الفواجع تبعث على الأسى وتجلب الحزن وتثير المشاعر تعاطفاً مع المظلوم ودعاءً له وحنقا على الظالم ودعاء عليه، فإن عظائم الأحداث توجب أن يتعاطى معها من يعرف خفاياها، ويستطلع بصورة دقيقة مآلاتها؛ فلا تجلب ردة فعله مزيدًا من الدمار، واتساع رقعته أو تهميش حقوق المظلومين وإلقاء اللوم عليهم. ولا يليق أن ينبري للحديث عن مثل هذه الأحداث الكبرى إلا من كان أهلًا لها.
ولا شك أن أولياء الأمور في كل بلد هم أهل ذلك وأصحاب الشأن فيه؛ حيث تؤخذ الأمور بالعقل والحكمة، لا بالعاطفة المجردة التي تؤجج المشاعر بلا وسيلة تخمد لظاها. وترسم الخطوات وفق ما تقتضيه الحال ويأذن به الإمكان لا بإطلاق وعود جوفاء تأخذ سامعيها إلى حيث الخيبة في نهاية المطاف، في حين أن موقف الروية والحكمة يفضي إلى نتائج يحمدها من ظن في بداياتها أنها خذلان للمظلوم ومهادنة للظالم، فهي إبقاء للحياة وإعمار للأرض وساكنيها وإحلال لسلام عادل يدوم لا هدنة يلحق بها دمار شامل في كل مرة. ولا شك أن مثل هذه المواقف تؤكد مصداقية بيت الشعر الذي استهللت به حديثي، ولا شك أن كل رعية تترك زمام الأحداث لمن ولاه الله رعايتها تسلك سبيل الصواب، وستنعم بالبعد عن الفتن ومصائبها وترفل في استقرار ورخاء يتنامى.
كما يتوجب علينا أن نلح بالدعاء أن ينجي الله الأبرياء وينصر الحق وأهله ويبطل الباطل أينما كان أهله، نسأل الله أن يديم علينا الأمن والرخاء ووحدة الصف والكلمة وأن ينعم على المسلمين عامة بصلاح الأحوال واستتباب الأمن والإيمان. كما نسأله - تعالى- أن يلهم أولياء الأمور عين الحق ويعينهم على الأخذ به والدعوة إليه.