بمناسبة الذكرى الـ101 لتأسيس الجمهورية التركية، أحيي الشعب السعودي الشقيق بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان آل سعود، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، كما أني أحيي جميع الإخوة والأخوات السعوديين في أنحاء المملكة.
رغم كل الصعوبات، لقد تَوج الشعب التركي الباسل نضاله من أجل الاستقلال، بانتصار لا مثيل له على مر التاريخ، وبهذا النصر أثبت الشعب التركي العزيز للعالم أجمع ما يمكن تحقيقه عندما يتعلق الأمر بالاستقلال. ومما لا شك فيه أن هذا النصر كان أحد أهم أحجار الزاوية في طريق تأسيس جمهوريتنا التي نحتفل بالذكرى الـ101 لتأسيسها.
لقد كان لتأسيس الجمهورية التركية في 29 أكتوبر 1923م دور فعال في إرساء جذور الاستقرار والسلام والطمأنينة ليس في الأناضول فحسب، بل في المنطقة بأكملها، وبالقوة التي تستمدها الجمهورية التركية الفتية من ماضيها العريق، خطت خطوات حاسمة نحو دولة ديمقراطية ومستقرة تنعم بالرخاء، ونتيجة لهذه الخطوات البناءة تمكنا اليوم بالحديث عن «قرن تركيا» قرن الازدهار والتنمية والصعود إلى مرتبة القوى العظمى على الصعيد الإقليمي والدولي.
إن الجمهورية التركية التي احتفلت بالقرن الخامس لتأسيس دبلوماسيتها العام الماضي، تواصل بناء مستقبلها المشرق، مستمرة في تقديم مساهماتها الحيوية لضمان الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وساعية للدفاع عن حقوقها بالإضافة لحقوق أصدقائها.
وبهذه المناسبة، أود أن أشير بشكل خاص إلى علاقاتنا التاريخية والثقافية العريقة مع المملكة العربية السعودية حيث تتسم العلاقات بين تركيا والمملكة العربية السعودية بعمق تاريخي فإن تركيا كانت من أوائل الدول التي اعترفت بمملكة الحجاز وافتتحت ممثليتها الدبلوماسية فيها عام 1926م. وقد تُوجت العلاقات الثنائية التي أرسيت أسسها على هذا النحو، بمعاهدة الصداقة الموقعة عام 1929م.
وعندما تأسست المملكة العربية السعودية عام 1932م كان مصطفى كمال أتاتورك من أوائل القادة الذين أرسلوا رسالة تهنئة إلى الملك عبد العزيز، وكان استقبال أتاتورك للأمير فيصل في أنقرة في العام نفسه وزيارته لأنقرة كملك عام 1966 مبشراً بعلاقات متينة تستمر لسنوات طويلة.
ولا شك أن التصريح الذي أدلى به الأمير فيصل في كلمته أمام الصحفيين الأتراك في إسطنبول في 8 يوليو 1932، خير مثال على صداقتنا العميقة مع المملكة العربية السعودية، فقد قال الأمير فيصل في تصريحه آنذاك: «لقد جئت إلى تركيا التي أحبها كثيراً كممثل لدولة أجنبية، ولكننا في الحقيقة جئنا إلى هذا البلد الشقيق الذي عشنا معه لقرون ليس كغرباء بل جئنا بأحاسيس الشوق والحنين لسنوات طويلة مضت. إن الأحداث التاريخية والحدود الجغرافية التي فصلت بين هذين البلدين اللذين كانا موحدين قبل عشر سنوات لم تُبدِد المشاعر القلبية للشعبين الشقيقين. بالتأكيد لا داعي إلى القول بأن علاقات الشعبين تتميز بالصداقة. فإن الشعبين الشقيقين كانا أصدقاء وسيظلان كذلك».
وكرمز لهذه الصداقة زار الملك عبد الله تركيا عام 2006م والملك سلمان عامي 2015م و2016.
إن الزيارات المتبادلة والممتدة من الماضي إلى الحاضر وخاصة الزيارات في السنوات الأخيرة المتكررة لفخامة الرئيس السيد رجب طيب أردوغان إلى المملكة العربية السعودية وزيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى تركيا في عام 2022، تؤكد على الإرادة السياسية القوية على أعلى مستوى لتطوير علاقاتنا، وتعطي زخماً ملموساً لوتيرة تعاوننا المشترك.
ومما لا شك فيه أننا سنعزز تعاوننا مع المملكة العربية السعودية التي نستمر بالعمل معها على تطوير العلاقات في كل المجالات وخاصة في مجال الصناعات الدفاعية والمقاولات.
وكذلك فإن استمرار الاقتصاد التركي بتحقيق تقدم كبير بالصعود المستمر لسلالم الهرم الاقتصادي العالمي، سوف ينعكس بطبيعة الحال على العلاقات بين البلدين العضوين في مجموعة العشرين. كما وأن بلوغ حجم التبادل التجاري بين بلدينا إلى 6.8 مليار دولار في العام الماضي واستمراره من التقرب لهدف الـ10 مليارات دولار، إشارة واضحة لهذا الانعكاس.
ومن ناحية أخرى، فمن المعلوم للجميع أن تركيا تُعتبر مركزاً سياحياً مهماً لكثير من دول العالم ومن بينها المملكة العربية السعودية. ونحن سعداء جداً باستضافة إخواننا السعوديين الأعزاء والسياح من كل أقطار العالم، وفي هذا السياق أود أن أكرر سعادتي بتزايد أعداد السياح السعوديين الذين يزورون تركيا يوماً بعد يوم.
وفي الختام، أصالة عن نفسي ونيابة عن الحكومة التركية والشعب التركي والجالية التركية المتواجدة في المملكة العربية السعودية، أود أن أعرب عن خالص امتناني لشعب وقيادة المملكة العربية السعودية على صداقتهم وتعاونهم. وأنا واثق من أن المستقبل يحمل وعودًا أكبر لعلاقاتنا الثنائية، وسنواصل العمل معًا من أجل السلام والازدهار والتقدم في المنطقة وخارجها بعون الله.
عاشت الصداقة التركية السعودية، عاشت الأخوة التركية السعودية.
** **
- سفير الجمهورية التركية لدى الرياض