فضل بن سعد البوعينين
إستضافة «هيئة الطرق» مؤتمر ومعرض سلامة واستدامة الطرق تحت شعار «نبتكر للغد» بالشراكة مع الاتحاد الدولي للطرق، وهو مؤتمر مهم ولا شك، لانعكاس مخرجاته على شبكة الطرق في المملكة، بتحسين جودتها، وضمان سلامتها، وتحقيق استدامتها، ونقل التقنيات الحديثة المتقدمة في سفلتة الطرق وصيانتها.
تمتلك المملكة طرقًا يزيد مجموع أطوالها عن 75 ألف كيلو مترًا تتبع لوزارة النقل والخدمات اللوجستية، ما يجعلها «الأولى على مستوى العالم في ترابط الطرق، والرابعة على مستوى دول مجموعة العشرين في جودتها».
شبكة ضخمة من الطرق البرية التي تواجه بتحديات لضمان استدامة جودتها وسلامتها وهو أمر يفترض أن يسهم المؤتمر في إيجاد الحلول الناجعة لها.
فهيئة الطرق، مستضيفة المؤتمر، معنية بوضع الخطط الاستراتيجية الخاصة بالطرق وتنظيمها، وإجراء الدراسات والأبحاث المتعلقة بقطاع الطرق ومشروعاتها، ووضع الشروط والمعايير والضوابط والمواصفات وصيانتها، وممارسة الأعمال التشغيلية بما فيها التخطيط والتصميم والصيانة.
الأدوار الرئيسة التي كفلها النظام للهيئة، في حاجة إلى تفعيل خاصة ما ارتبط منها بالدراسات والأبحاث المتعلقة بقطاع الطرق ومشروعاتها، ومرحلة التصميم والتنفيذ والصيانة، والمعايير الضامنة للجودة والإستدامة والسلامة.
تجتهد الهيئة بتنفيذ عمليات الصيانة الدائمة، التي ما إن تنتهي حتى يُعاد تنفيذها لأسباب مرتبطة بنوعية التنفيذ ومعايير الجودة، أو لأسباب مرتبطة بأوزان الشاحنات، ومخالفاتها المؤثرة على استدامة كفاءة الطرق وسلامتها.
وبالرغم من إنشاء بعض الطرق الجديدة والمهمة خلال السنوات الماضية، غير أنها تقصر عن تلبية الحاجة ومستهدفات الرؤية، خاصة بعد إطلاق الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، واستهداف «ترسيخ مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي»، حيث تشكل شبكة الطرق البرية ركيزة من ركائز النجاح.
إن من أهم عوامل سلامة الطرق، جودة التنفيذ وفق المعايير العالمية، و تحقيق التوازن الأمثل بين الطاقة الإستيعابية والصيانة المستدامة للطرق، وهما أمران لم يتحققا بعد. فطاقة الطرق الإستيعابية تعاني من عدد المركبات والشاحنات المهول الذي يفوق قدرتها على التحمل، ما يتطلب تنفيذ مزيد من الطرق الموازية، وتوسعة مسارات القائم منها، وبخاصة الطرق الإستراتيجية الرابطة بين المناطق والمحافظات المزدحمة بالسكان والمركبات والشاحنات.
إضافة إلى أهمية سرعة إنجاز شبكة القطارات التي ستسهم في تخفيف الضغط على الطرق البرية، وتقليص عدد الشاحنات العابرة، وبما يحقق سلامة الطرق، ومرتاديها. أما الصيانة، فمخرجاتها غير متوافقة مع الجودة المطلوبة، وتعاني من بطء التنفيذ، ما يتسبب في الهدر المالي، والمخاطر على مرتادي الطرق.
وزير البلديات والإسكان، ماجد الحقيل، كتب على منصة X «وصل مؤشر جودة الطرق اليوم إلى 56 %»، وهي نسبة متدنية تحتاج إلى مراجعة عاجلة، ومعالجة مسبباتها، ووضع ضوابط لضمان تحقيق جودة الطرق الجديدة.
تحقيق هدف السلامة يستدعي سرعة إنجاز المشروعات الجديدة، ومشروعات الصيانة، وضمان جودة المخرجات، ونقل التقنيات العالمية الحديثة المعززة لمعالجة التحديات المستدامة، إضافة إلى تعزيز الرقابة على المشاريع، وضبط حركة وأوزان الشاحنات التي يُعتقد أنها السبب الأول لما تتعرض له شبكة الطرق من أضرار ومخاطر مرتفعة.
وزير النقل والخدمات اللوجستية، المهندس صالح الجاسر أكد خلال كلمته في المؤتمر، ان استضافة العاصمة الرياض لمؤتمر سلامة واستدامة الطرق يؤكد على مكانة المملكة الرائدة عالميا في قطاع الطرق، في الوقت الذي أشار فيه الرئيس الفخري لـ«الاتحاد الدولي للطرق»، المهندس عبد الله المقبل أن المملكة تعاونت مع «الاتحاد» في تنظيم 5 مؤتمرات «تهدف إلى رفع مستوى السلامة والصيانة وتحسين الأداء في مجال الطرق»، ويبقى السؤال الأهم وهو: هل هدف وزارة النقل والهيئة استضافة المؤتمرات العالمية، أم استثمار مخرجاتها لتحسين الأداء، وتطوير شبكة الطرق وإدخال التقنيات الحديثة في السفلتة والصيانة وضمان استدامتها، واستنساخ التجارب الدولية ذات العلاقة بمنظومة الطرق عموما؟.
فما نشهده اليوم، لا يختلف عما رأيناه من قبل، حيث المنهجية التقليدية في الإنشاء والصيانة، وربما اعتماد التصاميم ومعايير الجودة، أما زمن التنفيذ فيزداد طولا عما كان عليه من قبل، في الوقت الذي تحتاج فيه عمليات الصيانة إلى إعادة مستمرة لإصلاح الأخطاء ومحاولة إنقاذ الطرق من الأضرار، إضافة إلى غياب التنظيم الشمولي المرتبط بحركة المركبات، وإيجاد البديل السالك لنقل الحركة على مدار الساعة، حين إجراء عمليات الصيانة، ما يتسبب في إغلاقات لعدد من الطرق والمنافذ الحيوية في وقت واحد.
منظومة شبكة الطرق في حاجة إلى رؤية إستراتيجية معززة لجودتها، واستدامتها، ومشروعات جديدة تسهم في تنفيذ مزيد من الطرق الحيوية، والجسور المهمة، وإنجاز الطرق المتعثرة وتنفيذ المشروعات المُعتمدة منذ سنوات، والسماح بدخول شركات عالمية تضمن التنفيذ بجودة عالية، وتقنيات حديثة، وفترة زمنية قصيرة.