مها محمد الشريف
القوة الناعمة تعد من المفاهيم الأساسية في علم السياسة وعلم الاجتماع السياسي، ودمجها في الاستراتيجيات الدولية والسياسات الخارجية، وقوة التأثير، وهذا المصطلح يُستخدم حالياً على نطاق واسع في الشؤون الدولية من قبل الباحثين والمحللين والسياسيين.
وتنطلق استراتيجيتها في كافة المجالات الإنسانية والاقتصادية والسياحية والإعلامية والعلمية، وتعزيز المخزون الثقافي والفن والإعلام والرياضة والمؤتمرات والمعارض والعلم والسياحة، وتطوير شبكات اتصال دولية فاعلة مع الأفراد والمؤسسات بما يخدم الدولة ومصالحها، وترسيخ مكانة الدولة كدولة حديثة داعية للسلام ومحبة ومتعاونة بدبلوماسية اقتصادية وثقافية وإعلامية مع كافة شعوب العالم.
وهناك الكثير من الأدوات التي تشكل في مجموعها منظومة مؤثرة بطرق ناعمة، وهنا يمكن استحضار أفضل ما يحرك التغييرات الإيجابية الضخمة للقوة الناعمة، والتقدير الخاص الذي تتضمنه لتعزيز القدرة على التأثير من دون استخدام القوة العسكرية أو الاقتصادية؟ لكي يزدهر كل شيء من حولنا بشكل واعٍ، وتحفيزه نحو مسار تنموي؟ كل ذلك يمكن أن يحصل بطريقة تفكير مغايرة، ورفع درجة النقلات النوعية ليصبح مثيراً للاهتمام، فالتقدم المتميز في العلاقات العالمية والشهرة والسمعة والتأثير الذي يقوده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في هذا الشأن، فقد أرسى قواعده حتى تصدرت المملكة دول الشرق الأوسط في القوة الناعمة.
ومن مقومات هذه القوة وتأثيرها الاستثنائي الاستقرار الاقتصادي والسياسي وتنويع مصادر الاقتصاد بموجب رؤية المملكة 2030، أضف لكل هذه المقومات الهائلة الثروة البترولية وعضوية منظمة «أوبك»، والثقافة والتنمية والتعليم والرياضة التي تعكس الرؤية الطموحة.
علماً بأن الرؤية الطموحة محرك قوي لكل هذا التقدم في التقارير العالمية والخطط الاستراتيجية لتحقيق تنمية مستدامة في مختلف المجالات، رؤية تهدف إلى تعزيز المكانة الدينية للمملكة كأرض الحرمين الشريفين، وتنويع الاقتصاد وزيادة الاستثمارات وخلق فرص عمل وأهمية الموقع الجغرافي للمملكة كمحور للتجارة والتواصل بين القارات، وتعتمد على قيمة المعلومات والعلوم الأخرى، وشعبية وجماهيرية الرياضة والموسيقى والفنون، ومجموعة من القيم كالديمقراطية وحقوق الإنسان، وسياسة خارجية مثل المساعدات والتنمية الاقتصادية ونشر السلام، وكذلك تطوير المجتمع وتعزيز الهوية الوطنية والقيم الإسلامية.
وأصدرت «براند فاينانس» تقريرها لعام 2023م عن القوة الناعمة، حيث حققت السعودية مركزا متقدما من بين 121 دولة حول العالم، منجزات «رؤية المملكة 2030» لها بالغ الأثر في صياغة العلامة الوطنية الجديدة، والتي تعبر عن القوة السعودية الناعمة على منافسة دول العالم في تعزيز التنمية المستدامة، والحصول على مراتب متقدمة في التقارير الدولية التنموية والاقتصادية. فمن خلال الأدوات التي تمتلكها المملكة تمكنت من التأثير في كثير من المجالات، فالاقتصادُ السعوديُّ يمثِّل أحد الاقتصادات الكُبْرى في العالم، وتتمتَّع المملكةُ باعتراف المجتمعِ الدوليِّ بنفوذها العالميِّ كقوَّةٍ اقتصاديَّة، وبنفوذها كقوَّةٍ سياسيَّةٍ، وبنفوذها في العالم الإسلاميِّ كقوَّةٍ عقائديَّةٍ، ووجهةٍ سياحيَّةٍ.
واليوم السعودية رائدة في اللعبة الأكثر شعبية في العالم (كرة القدم) بعد الوصول إلى الدوريات الأوروبية، حيث تم تمويل نافذة انتقالات صيفية وشتوية قياسية في كرة القدم الأوروبية بفضل تدفقات نقدية من السعودية، وذكرت «الفايننشيال تايمز» دور السعودية المؤثر الأهم على الكرة الأوروبية وسوق الانتقالات، وأثر التدفق السريع للأموال من أندية كرة القدم السعودية بشكل كبير على سوق الانتقالات، حيث إن أربعة أندية دعمت من صندوق الاستثمار بمبالغ مليارية فالحكمة السعودية هي التي تحدد المكاسب.
فإن العمل يكمن في قدرة القادة العظماء الذين يأخذون أفضل ما لدى الآخرين بالتأثير والقوة الناعمة، فهو النجاح الكبير وهذا مجال واحد من مجالات عديدة حيث احتلت السعودية في الشرق الأوسط الترتيب الثاني والثالث في 4 مؤشرات أساسية، هي: الألفة والشهرة، السمعة، التأثير والعلاقات الدولية، وهي المؤشرات التي أسهمت في تغيير ترتيب السعودية للأفضل والأعلى تقييما على مستوى تقرير القوة الناعمة وتأثير الشركات السعودية في المراتب الأكثر والأعلى من بين شركات الشرق الأوسط، حيث تواجدت 5 شركات سعودية في قائمة أعلى 10 شركات قوة في الشرق الأوسط.