محمد الخيبري
خسر منتخبنا الوطني لقاءه الهام من المنتخب الأندوسي بهدفين نظيفين في المباراة التي جمعت بينهما على أرض ملعب جيلورا بونج كارنو في العاصمة الإندونيسية جاكرتا ضمن التصفيات المؤهلة لـكأس العالم 2026 وسط أجواء حزينة ألمت بالجمهور السعودي بعد هذه الخسارة المؤلمة وبعد المستويات المتراجعة للمنتخب السعودي منذ بداية التصفيات.
من المنطقي جداً بعد خسارة المنتخب أن يتوجه الجميع لبحث أسباب إخفاق المنتخب، ووضع هذا المحور في جميع طاولات النقاش سواء في البرامج الرياضية ومواقع التواصل الاجتماعي.
المنتخب السعودي فقد خمس نقاط من مباراتين مع المنتخب الإندونيسي فقط الذي لا يعتبر منافسا مباشرا للمنتخب الوطني الذي يتفوق تاريخياً عليه بمراحل كثيرة.
الواضح جداً والمتفق عليه من الأغلبية أن المشكلة الأساسية لتدني مستوى المنتخب السعودي وإخفاقاته المتكررة تكمن في العناصر في الخارطة الفنية للمنتخب والضعف في أهم الخانات الفنية كالمهاجم الصريح وصانع اللعب.
وفي الحقيقة أن جودة اللاعب السعودي انخفضت بشكل حاد نتيجة لعدة عوامل تم تناولها وتداولها كثيراً وبإسهاب عبر البرامج الرياضية وعبر مواقع التواصل الاجتماعي ودون حراك من المسؤولين باتحاد القدم بل إن التخبطات الإدارية استمرت.
بعضهم اقترح أن تكون هناك إدارة توافقية للمنتخب السعودي مستقلة عن اتحاد القدم وترتبط بوزارة الرياضة إدارياً، وتكون تحت مظلة سيادية وذلك لضمان أعلى درجات الاستقرار للمنتخب، وهذا المقترح لن يكون مجديا، ولن يكون حلا جذريا مالم تؤسس البنية التحتية للاعب السعودي وتطويرها.
كثافة اللاعبين الأجانب في الدوري السعودي للمحترفين وتواجد نصف هذه الكثافة في دوري يلو للمحترفين من عوامل هدم البنية التحتية للعنصر السعودي من وجهة نظري على الرغم من تحقيق هذه الكثافة عدة أهداف لوجستية صبت في مصلحة الدوريات المحترفة والأندية فقط.
ولكي تُغلّب مصلحة المنتخب الوطني مع الحفاظ على تحقيق الأهداف اللوجستية ورفع المستوى الفني للدوريات السعودية المحترفة لابد من عملية توازن عاجلة يتم فيها إعادة النظر في عدد اللاعبين الأجانب بالأندية وخفض أعداد قوائم الأندية.
المتمعّن في تشكيلة منتخبنا الوطني يلاحظ أن معظم نجومنا الدوليين هم لاعبو احتياط في أنديتهم أو لاعبون معارين لأندية أقل من أنديتهم مفتقدون للجماهيرية والضوء الإعلامي وهو الحق المكفول لأي لاعب في العالم.
التجانس والانسجام يكون معدوما بين اللاعبين نظراً لابتعاد معظمهم عن حساسية اللعب إضافة إلى انخفاض معنويات بعضهم وعدم حماسهم نظراً لوجود انتقادات إعلامية جماهيرية كبيرة دون رادع للمنتقدين.
قشعريرة
قبل المباراة بساعات استمعت في إحدى الإذاعات السعودي أغنية «الله الله يا منتخبنا» وهي الأغنية الشهيرة للفنان طلال سلامة والتي انتجت إبان مشاركة منتخبنا الوطني في نهائيات أمم آسيا في سنغافورة عام 1984.
هذه الأغنية التي كتبت كلماتها بعناية فائقة من الشاعر محمد صالح نوار ولحنها الموسيقار محمد شفيق استوقفني شطر منها يقول: العب يا كابتن «مثل بلادك ولك الشرف».
تمعنت كثيراً في كلمات الأغنية وأدركت أن الشاعر حاول إيصال رسالة مبطنة بأن شرف تمثيل البلاد هو حق على كل منتم للوطن، ويوجب على الجميع الالتفاف على المنتخب الذي سطر خطوط الأمجاد في القارة الصفراء حتى تسيدها بكل جدارة.
الغريب أنه بعد إخفاق المنتخب ظهرت أصوات مغلفة بألوان الأندية ترسل رسائل موجهة بشكل مباشر وغير مباشر وتهمز وتلمز لأغراض شخصية بعيدة كل البعد عن الوطنية والانتماء لمنتخبنا الوطني، وفيه تغليب مصلحة الأندية على مصلحة المنتخب.
هذه الأصوات وبدون وعي تسعى لعمل الانقسامات حول المنتخب دون وضع الحلول المنطقية والجذرية لوضع المنتخب الفني بل ذهبت لجلد الذات وقمع أدبيات التعاطي مع القضية الوطنية رياضياً محاولين التأثير على الرأي وفرض آرائهم العوجاء والمتهورة.