مشعل الحارثي
تلقيت من أخي وصديقي محمد مختار الفأل رئيس التحرير الأسبق لكل من جريدة عكاظ والمدينة وأردو نيوز، ومدير تحرير جريدة الاقتصادية، ونائب رئيس تحرير جريدة المسلمون، ورئيس تحرير مجلة البيئة والتنمية، إهداء قيماً عبارة عن ثلاثة كتب تمثل أحدث إصداراته، حمل الأول منها عنوان (الهوية في زمن قلق)، والثاني اسم (شاهد على وطني)، فيما حمل الثالث عنوان (مأساة البيت العربي).
وقد استمتعت بقراءتها وبأسلوب المؤلف الشيق وعرضه وتحليله الذي رفده بالقراءة المتأملة والتحليل، وبما خبره وعايشه عن قرب بحكم علاقته الممتدة مع العمل الصحفي في تنقلاته المختلفة والتي امتدت لما يقارب (30) عاماً.
ويعلل المؤلف أهمية إعادة جمع ونشر هذه المقالات فيقول: لا يرى البعض فائدة من إعادة نشر مقالات تدور حول أحداث مضت، وله ما يرى، ولكن يكفي هذه الصفحاتِ أنها «توثق « مسيرة قلم لم ينفصل عن مجتمعه وشؤون وطنه وبعض ما يشغل أمته وقال كلمته بصدق لا يدعي العصمة من الخطأ.
ويعود ليؤكد مجدداً أنه من دواعي إعادة النشر حفظ هذه المقالات في مكان واحد فيه «توثيق لوجهة نظر إنسان مهتم بالشأن العام في بعض ما مرَّ به من أحداث، ليسترجع هو كيف كان يفكر ويرصد ويعبر، وليطلع غيره ممن لم تدركه تلك الأحداث على كيفية تفاعل بعض من عايشها. وأما العنوان فهو من وحي ألوان تلك المواقف المداهنة والابتسامات الماكرة التي تحاول التضليل لتغرس أنيابها في جسدِ الصدق والوفاء بالعهد، حتى ترسخ في أذهان الكثيرين أن السياسة مناقضة للأخلاق وفي اعتقادي أن الأخلاق إذا نُزعت من أية علاقة إنسانية تتحول إلى سلوك يدمر أصحابه وإن طال الأمد.
ومن قراءتي هذه الإصدارات وجدت أنها تكون في مجملها مراجع غنية لتفسير الكثير من الأحداث التي تتناول الشأن المحلي، أو تلك التي تعالج الكثير من قضايا الأمة العربية والإسلامية والتحديات العالمية التي تناولها المؤلف في حينها وخلال فترة عمله بالصحافة.
يأتي كتابه الأول (الهوية في زمن (قلق) في (304) صفحات من القطع المتوسط، مشتملاً على (81) مقالة قسمت الى خمسة محاور رئيسية.. جاء المحور الأول يحمل اسم الهوية وشمل (29) مقالاً ، والثاني ساحة الحوار وشمل (9) مقالات والثالث ساحة الإعلام وضم (23) مقالة، والرابع باسم «في سبيل الفهم» واشتمل على (14) مقالة، والخامس والأخير تحت اسم حديث الآثار وضم (6) مقالات.
وعن هذا الإصدار يقول المؤلف في تقديمه: الهوية مفهوم حديث نسبيًّا، رغم وجود إشاراتٍ عنه في العلوم الإنسانية منذ وقت مبكر . لكن هذه الكلمة، على تنوع مقاصد مستخدميها واختلافها، راجت في وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث في أواخر القرن العشرين خاصة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، زعيم المعسكر الاشتراكي، وبرزت هيمنة القطب الواحد واتضحت شراهة العولمة وتحركها لابتلاع من يخالفها أو يحاول التمايز عنها. وتتشعب الآراء حول تعريف الهوية ومكوناتها وجذورها والحدودِ الضابطة لها، بحسب زاوية النظر وحقل الدراسة، فهناك الهوية السياسية والهوية الاجتماعية والهوية الثقافية، بل وحتى الهوية النفسية التي تدور حول إدراك الفرد لنفسه أمام الآخرين أو السمات المكونة لثقافة الجماعة مقابل ثقافة الآخر.
حديث «الهوية» في هذه الصفحات لا يسبح في عوالم الآفاق البعيدة المتصلة بالعلاقة مع «الآخر» فقط، فهو ينظرُ إلى ما يجمع مع القريب كاللغة والدين والتاريخ والمصير المشترك، ثم يضيق الدائرة لينظر في هوية أهل الوطن الواحد وما يعتريها من تجدد تفاعلًا مع سُنّة التطور والتقدم. وسيطالع قارئ هذه الصفحات إطلالة على السؤال القديم المتجدد من نحن وماذا نريد من الغرب؟، وصورتنا في عيون الآخر، ودفاعا عن مفهوم «الأمة» والهوية في أحاديث السعوديين والتأكيد على أننا سعوديون عرب مسلمون يرفضون «الانكفاء» على الذات؛ إيمانا بدورهم وقدرهم. كما يطالع إضاءات حول ما دار في حياتنا الثقافية وبعض مظاهر التحولات الاجتماعية التي صاحبت مسيرة مجتمع رافض للتصنيف والإقصاء في ظل الدولة الوطنية.
أما كتاب (شاهد على وطني) فجاء في (566) صفحة من القطع العادي وفي (9) محاور رئيسية وهي: مستقبل وطن (34) مقالاً ، حديث الناس (18) مقالاً ، تعليم المستقبل (13) مقالاً، صحة الانسان (8) مقالات تنمية الإنسان (43) مقالاً، الأوقاف في التنمية (5) مقالات ، محاربة الفساد (14) مقالاً، المرأة الغاية (8) مقالات، شجون الحديث (16) مقالاً.
وجاء كتابه الثالث مأساة البيت العربي في (448) صفحة من القطع العادي وضم (109) مقالات موزعة على ثلاثة محاور رئيسية وهي: البيت العربي (51) مقالاً ، العمق الإسلامي (27) مقالاً، الأفق العالمي (31) مقالاً.
وختاماً وبعد هذا العرض المقتضب أقول هنيئاً للحرف الصادق بصديقه وللكلمة الصافية بصفيها ، وأكرر شكري للمؤلف على هذه الاهداءات القيمة ، واتطلع دائماً إلى المزيد من جهوده القادمة في توثيق عطائه ومسيرته الصحفية الثرية ، وما خاضه من تجارب ومواقف في بلاط صاحبة الجلالة وكل ما يخدم الحرف والكلمة ويثري العمل الثقافي والإعلامي ويقدم خلاصة هذه التجارب للأجيال القادمة.