لم تكن مستغربة تلك النتائج للمنتخب في مشواره المؤهل لمونديال 2026 حيث تعيش الكرة السعودية حالة من الإحباط والتراجع تحت إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم بقيادة ياسر المسحل على الرغم من الدعم الحكومي الكبير وغير المسبوق للقطاع الرياضي، فهذا الاتحاد لم ينجح في ترجمة هذا الدعم إلى نتائج ملموسة على مستوى المنتخبات الوطنية، وما الخسارة أمام إندونيسيا إلا كجرس إنذار جديد يُسلط الضوء على أخطاء فنية وإدارية متراكمة ومؤشر على خلل عميق في المنظومة وانعكاس مباشر لسوء الإدارة وسوء التخطيط.
بعد رحيل المدرب الفرنسي هيرفي رينارد وجد المنتخب السعودي نفسه في حالة فراغ فني استمرت لفترة طويلة، وهذا الفراغ كان مؤشرًا على غياب الخطة البديلة والجاهزية للتعامل مع مثل هذه المواقف، الاتحاد لم يتحرك سريعًا لتعيين مدرب جديد، مما أضاع على المنتخب وقتًا ثمينًا للتحضير والاستعداد للاستحقاقات القادمة، لذا فقد كان من المفترض أن يكون الاتحاد مستعدًا بمشروع فني بديل قبل إعلان رحيل رينارد، لكن غياب التخطيط أدى إلى مرحلة من التراجع الفني انعكست على أداء اللاعبين والنتائج، حتى أتى قرار التعاقد مع المدرب الإيطالي روبرتو مانشيني والذي أثار تساؤلات منذ البداية، حيث بدا أن الاختيار يعتمد على الاسم الكبير بدلاً من ملاءمته لاحتياجات المنتخب، فكانت النتيجة أن أداء المنتخب تحت قيادته لم يرتقِ إلى مستوى التطلعات ومع ذلك استمر الاتحاد في منحه الفرصة رغم وضوح عدم تحقيق أي تقدم فني، التأخر في اتخاذ قرار إقالته بعد سلسلة من النتائج المخيبة يُظهر غياب الحزم في التعامل مع الأخطاء وقد كان بالإمكان تجنب الكثير من الأضرار لو تم التعامل مع هذه المسألة بجدية أكبر وفي الوقت المناسب.
ورغم الإنجازات التي حققتها المنتخبات السنية في السنوات الأخيرة فإنه لم يتم استثمار هذه النجاحات بالشكل المطلوب لتغذية المنتخب الأول، فالاتحاد فشل في بناء جسر يربط بين المنتخبات السنية والمنتخب الأول سواء من خلال برامج تطوير المواهب أو إدماج اللاعبين الشباب في المنتخب الأول بشكل تدريجي ومدروس ، كيف يعقل أن نشاهد منتخباتنا السنية تتألق في المحافل الدولية بينما يعاني المنتخب الأول من ضعف الخيارات الفنية، فهذه الفجوة بين المراحل السنية تعكس غياب رؤية واضحة لاستثمار المواهب الشابة وصقلها.
الدعم الحكومي للقطاع الرياضي السعودي بلغ مستويات غير مسبوقة سواء على مستوى تطوير البنية التحتية أو استقطاب النجوم العالميين في الدوري المحلي، لكن الاتحاد بقيادة المسحل لم يستفد من هذا الزخم لتعزيز مكانة المنتخب الوطني، فالدوري السعودي أصبح وجهة للنجوم العالميين لكن المنتخب الأول لم يستفد من هذه الطفرة على المستوى الفني وسط غياب تام لبرامج شاملة لاستثمار هذا الدعم الحكومي في تطوير اللاعبين المحليين أو الاستفادة من الخبرات العالمية المتاحة يعكس ضعف التخطيط وسوء الإدارة.
الجماهير تطالب بتوضيح الأسباب الحقيقية وراء الإخفاقات المتكررة بدلاً من هذه العزلة عن الشارع الرياضي وغياب التواصل الفعال مع الجماهير ووسائل الإعلام والذي يخلق حالة من الاحتقان، على ياسر المسحل وفريقه أن يتحملوا مسؤولياتهم كاملة فالكرة السعودية تستحق إدارة أكثر احترافية تركز على بناء منتخبات قوية قادرة على المنافسة، إن لم تكن هناك تغييرات جذرية في النهج الإداري فإن المستقبل يبدو مظلماً ، فالجماهير السعودية لم تعد تحتمل المزيد من الأعذار والتبريرات وهي تطالب بمساءلة حقيقية وبخطط واضحة لإنقاذ الكرة السعودية من الانحدار.
رسالتي
التاريخ لن يرحم من فرّط في إرث الكرة السعودية، فالكرة السعودية بحاجة إلى إدارة أكثر حزماً واحترافية !
** **
محمد العويفير - محلل فني
X: owiffeer