علي حسين (السعلي)
- في المعهد العلمي بالباحة:
كان وما يزال نقطة تحوّل في حياتي بل أكاد أجزم أنها مرحلة ثلاثية السنوات، وأستطيع محاولة أن أوجزها في نقاط ما استطعت في سبيل لحاق فاصلتي :
السنة الأولى ، التهيئة والاستعداد:
خصوصا أني أتيتُ من مدينتين مختلفتين آنذاك..
-الطائف ، ومدنيتها وحاراتها ردها من طفولتي وصباي.
- الباحة ، بلهجتها وطيبة أهلها قريتي خيره بئر القلت شلالته جماله سحر عرعره، ممارسة العَرْضَه وضرب الزير نغماته شعرائه الشعبيين عبد الواحد عطية، الله يرحمه، بن طوير والشبح والبيضاني الداهية كما يقال عنه ملك الرد في بدع العرضه والحكايات التي حول تجربته كل هذا عشته بين زمنين مختلفين.
فجأة قرر والدي يرحمه الله أن يدخلني المعهد العلمي، هذا المعهد تابع لـ جامعة الإمام له توجه خاص ومن درسوا به يعرفون ما أقصد ، بداية اللباس القصير، ذقون ممتلئة بكامل الوجه، عيون بارزة تدور تبحث عن أي خطأ أمامها، الحواجب مقتطبة بالكاد ترى على الشفاة بصيص طرف ابتسامة وقد لا تجد !
المناهج مختلفة جميلة عميقة مقننة فتحت لي آفاقا جديدة من التفكير الإيجابي من الكتب شرح بن عقيل على ألفية بن مالك ألف بيت شعر حفظتها دون أن أشعر كان هناك تحد بيني وبين أستاذي عبد الحكيم القرامي في كل حصة يقول لي ممازحا : هاه يا علي حافظ العشرة أبيات وعلى طول كنت انثرها قافية مثل :
الفاعل الذي كمرفوعي أتى ، زيد منيراً وجهه نعم الفتى.
ورفع مبتدأ بالابتداء ، كذاك رفع خبر بالمبتدأ .
والخبر الجزء المتمّ الفائدة ، كالله برٌ والآيادي شاهدة.
السنة الثانية، التطوّع وتغيير جذري:
التزمت وهذا طبيعي … المناهج كانت تؤهلك لذلك خصوصا مادة الفرائض، والمواريث، البلاغة، والنقد، الفقه، الحديث، ومصطلح الحديث وحاشية على زاد المستقنع وهكذا كتب مليئة بالعلم بصراحة.
أذكر هنا قصة صديقي خميّس الغامدي ياه، والله زمان، هذا الرجل عصامي لمن يعرف قصته رجل ملتزم وحيوي جدا ديناميكي في التعامل ملتزم نعم لكنه قريب من القلب جدا وما يزال .. المهم عملنا مسرحية وكنت وقتها المؤلف والبطل والمخرج وخميّس معي يساعدنا المسرحية الوحيدة التي نفذتها جماعتنا والأخيرة طبعا، موضوعها جبنا فيه العيد والله « اضحكوا الآن املأوا الدنيا سعادة «
وأخذتُ وقتها « دش» من مديرنا القدير ومن بعض المتشددين من المعلمين وإلى هنا وكان .
السنة الثالثة ، التخرج ، والهدايا :
وثيقة كانت بمثابة تخرّج من جامعة، والله اتكلم من جد، ثلاث سنوات من العمل والاجتهاد، خصوصا حين علمت أن أغلب مبدعي الباحة تخرجوا من هذا المعهد منهم على سبيل المثال لا الحصر عبد الرحمن العشماوي، بل وجدت الطاولة كما قيل التي كان شاعرنا يجلس عليها ،أجمل ما في معهدنا العلمي العريق أن جوائزه كانت مجموعة كتب ، هذه المرحلة من عمري مهمة جدا لتهيئة فيما بعد كيف كان وما يزال ( السعلي ) ،باختصار دراستي الثلاث سنوات في المعهد العلمي بالباحة كانت جسر تواصل مع عالم الكتب فجزاهم الله ألف خير من علمونا أحياءً وأمواتا.
- مرحلة جامعة أمّ القرى :
هذه المرحلة بالذات أسميها مرحلة النضوج والانطلاق لعالم مختلف عن الطائف والباحة، مرحلة مكة المكرمة..
لو أقلكم كيف كنت متمنيا ؟! أن ادخل قسم اللغة الانجليزية تخيلوا عاد من معهد علمي إلى الانقلش مفارقة صح ؟ ما علينا هذه المرحلة الجامعية لي معها وقفات منها:
الأولى: جنسيات مختلفة ، قبائل من كل حدب وصوب.
الثانية: معرفتي حضور شيء من مناقشة رسائل الماجستير والدكتوراه في قاعة المحاضرات.
الثالثة: السكن الجامعي مع مجموعة من الأصدقاء.
الرابعة: الوحدة وكيف صقلتني لأكون السعلي.
الخامسة: تعبت أنا ، ما تعبتم ؟ نكمل في مقال قادم بإذن الله.. هيّا في أمان الله.
سطر وفاصلة
أنواع القرّاء من وجهة نظري:
- قارئ خفيف دم لا يقارن.
- قارئ ثقالة روح لا تعاشر.
- قارئ غبي - البعيد عنكم - يتحين الفرصة ليرد على الكبار ليشتهر تحت اسم مستعار قد يكون مختلطا بين ذكر وأنثى.
- قارئ حصيف وذكي حتى عندما يقرأ يفهم يتداخل فيما يقرؤوه
- قارئ عنده شغف بالكتابة يقرأ يتفحص ينتقد لكن لايكتب انتقاده
- قارئ عالم أديب ناقد أكاديمي حين يتداخل يعرف قيمة ما يكتبه فينتقد بلطف وبعبارات قصيرة ومقننة
- قارئ مشاكس مشاغب بحكمة، يقرأ ثم يلسع بحرف غير مسموم وأرجو ألا يكون محدثكم .