سلطان المواش - الرياض:
أعلن معالي وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبدالرحمن بن عبدالمحسن الفضلي، رئيس الدورة الـ 16 لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر عن إطلاق مبادرة شراكة الرياض العالمية من أجل القدرة على الصمود في مواجهة الجفاف، وذلك في خطوة نوعية تؤكد التزام المملكة بالتصدي لتحديات الجفاف العالمية.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها معاليه في قاعة اللجنة الرئيسية للمؤتمر الذي افتتحت فعالياته أمس وتستمر حتى 13 ديسمبر 2024م، إذ تعد هذه المبادرة الجديدة أحد أبرز التحركات الدولية الرامية إلى تعزيز التعاون متعدد الأطراف لمواجهة التحديات المتزايدة المرتبطة بالجفاف، ولاسيما في الدول الأكثر عرضة لتأثيراته.
وأعلن معالي المهندس الفضلي خلال كلمته عن دعم حكومة المملكة العربية السعودية لهذه المبادرة بمبلغ قدره (150) مليون دولار تُخَصَّص على مدى السنوات العشر المقبلة؛ مما يعكس ريادة المملكة في تقديم حلول استباقية للتحديات البيئية والإنسانية.
وأوضح معاليه أن الجفاف يؤثر في الملايين من الأشخاص حول العالم، مشيرًا إلى أن الأساليب التقليدية التي تعتمد على الاستجابة بعد وقوع الجفاف لم تعد كافية لمواجهة التحديات المتزايدة.
وأكد المهندس الفضلي أن المبادرة تأتي استكمالًا للجهود السعودية المتواصلة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، التي تتجسد في مشاريع رائدة مثل «مبادرة السعودية الخضراء» و»مبادرة الشرق الأوسط الأخضر»، بالإضافة إلى المبادرة العالمية للحفاظ على الأراضي التي أطلقتها المملكة تحت مظلة مجموعة العشرين، وتأسيس المنظمة العالمية للمياه.
وفي ختام كلمته، وجه معالي المهندس الفضلي شكره لجميع الشركاء الداعمين للمبادرة، ومن بينهم أمانة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، والمنتدى الاقتصادي العالمي، داعيًا الدول والمنظمات كافة للانضمام إلى هذه المبادرة الطموحة لتعزيز قدرات العالم على مواجهة تحديات الجفاف، بما يحقق أهداف التنمية المستدامة ويخفف الأثر الاجتماعي والاقتصادي والبيئي للجفاف على المجتمعات المتضررة.
وتهدف مبادرة شراكة الرياض العالمية إلى التحول نحو الاستعداد الاستباقي من خلال تطوير إستراتيجيات متكاملة تشمل: تقييم مخاطر الجفاف، وتعزيز أنظمة الإنذار المبكر، وتبني حلول مبتكرة قائمة على الزراعة المستدامة والمحاصيل المقاومة للجفاف، وتسهيل التمويل لتعزيز البنية التحتية للمياه وتقديم حلول تأمينية لصغار المزارعين.
ويجسد إطلاق مبادرة شراكة الرياض العالمية حرص المملكة على قيادة الجهود الدولية في مجال الاستدامة البيئية، لتصبح نموذجًا يحتذى به في مواجهة التحديات العالمية الكبرى بروح من التعاون والشراكة بالإضافة إلى تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030.
وستعمل المبادرة بالشراكة مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر والدول والمنظمات الدولية وأصحاب العلاقة الآخرين، على تحفيز التحول في كيفية التعامل مع تحديات الجفاف في جميع أنحاء العالم, وبالاعتماد على التأثير الجماعي للمؤسسات العالمية الكبرى، ستتحول آليات مواجهة الجفاف بطريقة جذرية، وبدلًا من الاستجابة الطارئة بعد وقوع الأزمات، سيتعامل معها وفق نهج استباقي، وذلك من خلال تعزيز أنظمة الإنذار المبكر والتمويل وتقييم جوانب الضعف، والتخفيف من مخاطر الجفاف.
يشار إلى أن موجات الجفاف تؤثر على جميع أركان الأرض تقريبًا، وطالت تأثيراتها 1.84 مليار شخص في العام 2022، وأعلنت أكثر من 55 دولة حالات الطوارئ بسبب الجفاف بين عامي 2020 و2023، وفقًا لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، حيث يبدو أن تأثيرها يزداد سوءًا، ففي أفريقيا تأثر
38 % من مساحات الأراضي على مستوى القارة بالجفاف بين عامي 2016 و2019 وفق التقارير الرسمية، وشهدت أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي دمارًا مماثلًا، حيث تأثر 37.9% من مساحة الأراضي خلال نفس الفترة، بناءً على تقارير صدرت عن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر.ويعد الجفاف السبب الرئيس لانعدام الأمن الغذائي والمائي، كما أدى إلى نزوح الملايين، فضلًا عن تكبّد الدول المتضررة خسائر اقتصادية فادحة.
رئاسة الاتفاقية الأممية لمكافحة التصحر
على صعيد متصل انتُخبت المملكة رسميًا رئيسًا لمؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في حفل الافتتاح، وذلك خلال الجلسة العامة الافتتاحية لمؤتمر الأطراف «كوب 16» الرياض، حيث تبدأ فترة ولايتها لمدة عامين لدفع العمل الدولي بشأن إعادة تأهيل الأراضي واستصلاحها واستعادة خصوبتها وحيويتها ومقاومة التصحر والجفاف.
وتحولت العاصمة السعودية إلى وجهة لصُنّاع السياسات والمنظمات الدولية والشركات والمؤسسات والدوائر غير الحكومية وكبرى الجهات المعنية؛ للبحث عن حلول دولية عاجلة للأزمات العالمية المُلحة المتمثلة في تدهور الأراضي والجفاف والتصحر.
وخلال الافتتاح الرسمي للمؤتمر، أكد معالي وزير البيئة والمياه والزراعة رئيس الدورة الـ16 لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر المهندس عبدالرحمن بن عبدالمحسن الفضلي، أن استضافة المملكة لهذه الدورة تمثل امتدادًا لاهتمامها بالمحافظة على البيئة وطنيًا وإقليميًا ودوليًا، حيث تشير التقارير الدولية إلى تدهور أكثر من100 مليون هكتار من الأراضي الزراعية والغابات والمراعي سنويا، ويتأثر نتيجة لذلك أكثر من 3 مليارات إنسان حول العالم، وتقّدر الخسائر السنوية الناجمة عن تدهور الأراضي بأكثر من 6 تريليونات دولار.
وقال معاليه خلال كلمته بمناسبة افتتاح مؤتمر «كوب 16» في الرياض أمس: «إن المملكة تتطلع إلى تعزيز العمل وتكثيف الجهود تحت مظلة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر؛ لمواجهة التحديات البيئية الرئيسة، وتعزيز التكامل بين الاتفاقيات البيئية الدولية الأخرى، وخاصة اتفاقيات (ريو) المعنية بتغير المناخ والتنوع الأحيائي؛ للوصول إلى مخرجات طموحة تُحدث نقلةً نوعيةً في تعزيز المحافظة على الأراضي، والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في تحقيق الرفاهية للبشرية في أنحاء العالم».
وذكر الفضلي أن مبادرة السعودية الخضراء تستهدف إعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، وزيادة مساحة المناطق المحمية وصولًا إلى 30% مناطق محمية عام 2030م، وهذا المستهدف أعلنته المملكة في 2021م، قبل أكثر من عام على إعلان المستهدف العالمي بنهاية 2022م في مونتريال، كما يجري العمل على رفع نسبة الطاقة المتجددة لتصل إلى 50 %من مزيج الطاقة في المملكة بحلول عام 2030م، وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، مشيرًا إلى أن المملكة اعتمدت إستراتيجية وطنية للمياه؛ لتعزيز المحافظة على مصادر المياه واستدامتها، ونفذت العديد من المبادرات والمشاريع في مجال إعادة تدوير المياه؛ لتحقيق الاستدامة المائية والبيئية، وكذلك إستراتيجية وطنية للزراعة؛ تهدف إلى تعزيز كفاءة الإنتاج الزراعي، والإدارة المستدامة للأراضي الزراعية، وإستراتيجية وطنية للأمن الغذائي، تهدف إلى خفض الفقد والهدر في الغذاء.