د. إبراهيم بن جلال فضلون
تعد الأتمتة وتحليل البيانات الضخمة جزءًا لا يتجزأ من الأنظمة الاقتصادية، ليشكل الذكاء الاصطناعي جزءاً من مستقبل الاقتصاد العالمي في طريق التحول الرقمي الضخم الذي يقف أمامه تحديات وفرص جديدة، كونهُ ذا تأثير مُباشر على الإنتاجية والتوظيف، وحتى نماذج الأعمال الاقتصادية التقليدية.
وقد هيمن الذكاء الاصطناعي على سماء نقاشات قادة المال والأعمال في كافة أروقة المحافل الدولية والمؤتمرات، وأصبح هو بوصلة اتجاه وقرارات مديري الشركات الكبرى في إعادة رسم خرائطها الاستثمارية وفي اتخاذ القرارات الاستثمارية، وإدارة الأصول، لتحقيق الرقمنة و(حُجة) خفض الانبعاثات الكربونية.
فالمستثمرون يبحثون عن العوائد السريعة والخطط طويلة الأمد، في ظل قيادة جريئة وبيئة صحية للأعمال رغم مخاطرها، وبناء مجتمعات شابة وفتية، وبيئة ممكنة للقطاع الخاص، حيث تفتقر معظم الشركات مثلاً إلى بيع خدمات برمجة الكمبيوتر وشركات الإعلام عادةً لديمومة الإيرادات أو حتى قاعدة العملاء، حتى لا تتبخر إيراداتها، فأغلب الشركات والمؤسسات في القطاعات الأكثر سيولة وتنافسية في الاقتصاد ستواجه ضغوطاً شديدة كي تتبنى الذكاء الاصطناعي أعمالها أو إدارتها، ولذلك نجد دور السعودية في رسم خارطتها الاقتصادية بناءً على التقنية أو الرقمنة، حتى صارت من أكثر المناطق الجاذبة للمستثمرين في العالم لتحقيق المستهدفات الاستثمارية، التي حققتها «رؤية 2030» وإنجازاتها. وهو ما أجمع عليه المشاركون في المؤتمر السنوي لـ»مبادرة مستقبل الاستثمار» بنسخته الثامنة المنعقد في الرياض، على أن الذكاء الاصطناعي سيشكل جزءاً من مستقبل الاقتصاد العالمي، فالتقديرات الأولية لمساهمة السياحة في الناتج المحلي بلغت 4.4 % في عام 2023، وصولاً للهدف وهو 10 % بحلول عام 2030».
على أن يبلغ حجم الاستثمارات في القطاع نحو 800 مليار دولار بحلول نهاية العقد.
إذاً السعودية تؤدي دوراً محورياً في قيادة تطوير السياحة العالمية، وأن هذا القطاع مساهم رئيسي في خطط التحول بالمملكة، ودعم استقرار الإقليم والمنطقة حتى أصبحت محل احترام أرباب الأعمال، وهو ما جعلهم يتدفقون إليها بحثاً عن الفرص في مشاريعها التنموية..
لتكون «المبادرة قوة تحويلية، سهلت صفقات بقيمة تزيد على 125 مليار دولار في يومها الثاني فقط»، بل وبحلول عام 2027 سيصبح معياراً للقوة الوطنية، ويمكن له وحده إضافة 20 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030، مما يحول الصناعات ويعزز الإنتاجية ويعالج التحديات الحرجة بأدوات قادرة على حل المشكلات ودفع الإنتاجية التي ستؤثر في كل قطاع.
سيكون هناك تغيير جذري في عالمنا، ففي عام 2029 سيكون بوسع الاختراع الجديد فعل أي شيء يقوم به البشر، فبحلول 2040 سيكون عدد الروبوتات الشبيهة بالإنسان أكثر من عدد البشر وسيكون هناك ما لا يقل عن 10 مليارات روبوت وستراوح أسعارها ما بين 20 و25 ألف دولار، وسيكون لدى كل دولة ذكاء اصطناعي أو ذكاءات عدة، وسيكون هناك كثير من الروبوتات، أكثر بكثير من عدد البشر وفقاً لمؤشر سكان العالم التابع لمكتب الإحصاء الأميركي، ببلوغ عدد البشر حالياً نحو 8.2 مليار.
لنرى تغييراً في «اقتصاديات الجغرافيا السياسة» التي تتطلب مناقشة أهمية الاستثمار في الاقتصاديات والمشاريع التنموية وتوفير قوانين وأنظمة تشريعية تجذب المستثمرين الدوليين والاستفادة من التقنيات الحديثة لتحقيق النمو، رغم أن هناك مشكلة ألا وهي تناقص مجال الكهرباء بسبب الاستهلاك الهائل الناجم عن استخدامات الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، وهو ما سترى مشاكله أكثر عدداً من الدول ذات الاقتصادات العملاقة، أما Google فقد أعلنت عن المبادرة الأكبر لها في مجال الذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خلال فعالية AI Connect بدُبي، والتي تهدف من خلالها إلى توفير المهارات الأساسية في المجال وتمويل الأبحاث ذات الصلة وطرح منتجات مستندة إلى الذكاء الاصطناعي، حيثُ يُقدَّر وصول التأثير الاقتصادي للذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفقًا لتقرير Economist Impact، إلى 320 مليار دولار أمريكي بحلول العام 2030.
لا ينفي كل ما سبق إمكانية أن يكون الذكاء الاصطناعي بمثابة «فقاعة» مثلما حدثت فقاعة أزمة الدوت كوم التي حدثت في العام 2000، وأزمة الرهن العقاري في عام 2008، لعدة أسباب منها: (ارتفاع أسهم شركات الذكاء الاصطناعي - وجود الكثير من المضاربة بالأسهم - نقص المعلومات حول تقنيات الذكاء الاصطناعي عرضة للخداع - تباطؤ الاقتصاد العالمي)، والحل ضرورة أن تنوع الشركات استثمارها لتقليل تلك المخاطر، وعدم الاستثمار في شركة دون فهم تقنياتها الحقيقة.
وختاماً.. إن حياتنا على وشك أن تتحول جذرياً بل رأساً على عقب، وقد ترتقي وقد نشهد قلقلة، بسبب بعض التغييرات الأساسية في الإنتاجية النسبية والأسعار، فهل نحن مستعدون إلى سباق الموت أم سننجو في قوارب الذكاء الاصطناعي؟!!.