تغريد إبراهيم الطاسان
في ظل التحولات الكبرى التي تشهدها المملكة العربية السعودية ضمن رؤية 2030، أصبح العمل الحكومي يعتمد بشكل متزايد على القرارات الإستراتيجية المدعومة بالبيانات والتحليل العميق للمعطيات.
وفي هذا السياق، برز مركز دعم اتخاذ القرار كواحد من الركائز الأساسية التي تدعم صنَّاع القرار في مختلف قطاعات الدولة، مستندًا إلى رؤية واضحة تجمع بين التحليل العلمي والابتكار في تقديم الحلول.
لقد نشأ المركز كاستجابة للحاجة الملحة إلى منظومة متكاملة تقدم لصانع القرار قاعدة بيانات دقيقة ومحدثة، مع تحليل معمّق للأحداث والتوجهات التي تؤثّر على مختلف القطاعات.
فمن خلال هذا النهج، يساهم المركز في تمكين الوزارات والهيئات الحكومية من اتخاذ قرارات تتسم بالكفاءة والاستدامة، بما يعزِّز من جودة الأداء المؤسسي ويحقق تطلعات القيادة الرشيدة.
يعد المركز بمثابة عقل الدولة الذي يجمع بين الرؤية المستقبلية والمرونة في التعامل مع المستجدات. فمن خلال فريق عمل متكامل يضم خبراء في مجالات متعددة، يقوم المركز بتحليل البيانات من مصادر محلية وعالمية، ومن ثم تحويلها إلى تقارير واستشارات دقيقة تُعرض على صنَّاع القرار.
هذه التقارير لا تقتصر على الأرقام والإحصاءات فحسب، بل تتضمن أيضًا تحليلات استشرافية تسلط الضوء على التحديات والفرص المتاحة، مما يساعد الجهات الحكومية على رسم سياسات فعالة تتماشى مع الأهداف الوطنية.
ومع تصاعد التحديات العالمية والمحلية، برز دور المركز في تقديم الدعم خلال الأزمات كأحد أهم عناصر نجاحه.
فعلى سبيل المثال، خلال أزمة جائحة كورونا، لعب المركز دورًا رئيسيًا في تحليل البيانات المتعلقة بالوضع الصحي والاقتصادي، مما مكن الجهات المعنية من اتخاذ قرارات حاسمة وسريعة للحفاظ على صحة المواطنين والمقيمين، وفي الوقت ذاته ضمان استمرارية الاقتصاد الوطني.
ولا يقتصر دور المركز على دعم الجهات الحكومية فحسب، بل يسهم أيضًا في تعزيز التعاون بين القطاعات المختلفة. فهو يعمل كحلقة وصل تضمن التنسيق بين المؤسسات، مما يقلّل من ازدواجية الجهود ويسهم في تحقيق تكامل فعَّال.
وعلى سبيل المثال، ساعد المركز في تطوير برامج إستراتيجية تشمل قطاعات متعددة مثل التعليم، الصحة، والاقتصاد، بهدف تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
إن تأثير المركز لا يقتصر على الحاضر فقط، بل يمتد إلى المستقبل من خلال تبنيه لنهج استشرافي يركز على بناء قاعدة معرفية شاملة تساعد على التنبؤ بالتحديات المستقبلية.
ففي عصر يعتمد على البيانات، أصبح اتخاذ القرار السليم مرتبطًا بشكل وثيق بامتلاك رؤية واضحة للمستقبل، وهو ما يسعى المركز لتحقيقه من خلال الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة.
ومما لا شك فيه أن المركز يمثّل نموذجًا يُحتذى به في تحقيق التكامل بين البحث العلمي والواقع العملي. فهو يعمل على دمج المعرفة الأكاديمية بالاحتياجات العملية للحكومة، مما يعزِّز من فعالية السياسات والبرامج.
وفي هذا السياق، يسعى المركز أيضًا إلى تطوير مهارات الكفاءات الوطنية من خلال برامج تدريبية متقدمة تركز على تحسين قدرات التحليل واتخاذ القرار.
ختامًا، يمكن القول إن مركز دعم اتخاذ القرار أصبح جزءًا لا يتجزأ من منظومة العمل الحكومي في المملكة، فهو لا يقدم فقط الحلول والتوصيات، بل يسهم في بناء ثقافة مؤسسية تعتمد على التحليل العلمي والرؤية المستقبلية.
وفي ظل المسيرة التنموية الطموحة التي تقودها القيادة السعودية، يبقى المركز ركيزة أساسية لتحقيق الأهداف الوطنية ومواجهة التحديات بمرونة وكفاءة.