فضة حامد العنزي
وفي إشراقة يوم التأسيس السعودي نقول: لك الحمد ربَّنا حمدًا كثيرًا.. ولك الشكر شكرًا كبيرًا!
وطني: إنَّ بداخلي ولاءً يتجدد، وحبًّا يتوقد، وعشقًا يترنَّم، ووفاءً يدرس، وإخلاصًا يتعمّق، وطموحًا يتوثب؛ لأثمر أعمالًا تنفع، وتتفرع أغصانًا تزهو كألوان أزهار الربيع، وتخرج قصبًا توزع، وفواكه تشتهى كعسل مصفّى!
وطني.. إن بداخلي شعورًا.. شعور سعادة، شعور عزة واعتزاز، شعور رفعة، شعورًا يرفعني للسحب، شعورًا يريني الجمال، شعورًا فيه الرحمة.. شعورًا يلقّنني أبجديات الإنسانية بأروع الصور، وبأجمل القيم وبأرقى النبل.. إذ هي مبادئي وقناعاتي التي رسمتها لنفسي؛ استقيتها من منبع ديني الإسلامي، وما زلنا نستقي منه في وطن تعلّمنا فيه تعاليم ديننا؛ فاللهم نسألك زيادة في الخير والثبات.
وطني.. إني أراك أقربَ حِضنٍ رحيمٍ آمنٍ تأتي بعد الوالدين، وأشبه ببر الولد الصالح لي، وأرفقَ بي كالبنت الحنونة الطيبة.
وطني.. إني أراك في وعكتي الصحية بفيروس كورونا وفي محجرٍ صحيٍّ -سابقًا- كنت كالأهل وطني.. حين ضاقت عليَّ الفجاج، وأصبحت كخرم إبرة، وقلَّ المساعد وبَعُدَ القريب وخاف الناس.
كانت الروح في غربة والنفسُ في غلقة والحالُ في حيرة والصحةُ في ورطة، والأمر كله لله وحده..! حينها تلقيت العناية العالية والمعاملة الراقية والاهتمام العظيم والعطف الكبير.. وحينما تماثلت للشفاء بفضل الله -وأحمدك ربي وأشكرك على ذلك- خرجت من المحجر الصحي وأنا -ما شاء الله- أتنفس العافية من جديد! وقد روتني الصحة، وبللت جفاف أتعابي؛ فلهجت شكرًا كبيرًا لله بإحساس لا يوصف، إذ تنفست الهواء، والراحةُ تسري في جسدي، وكأني لأول مرة أتنفس كمولودة خرجت للحياة مبتسمة.. تنفست طمأنينة وأنا أقدر نعمة الصحة والعافية أكثر مما مضى وفيما مضى قدرت ذلك أيضًا، لكن الإصابة بفيروس كورونا كانت أمرًا مخيفًا أكثر، ومدعاة للتعلم بشكل أكبر، والشكر على عافيتي كان أجلَّ وأعلى مِنّةٍ منَّ الله بها عليَّ.. شعرت بالأنس وبأن الهواء راحة، والكون جميل، وكل التفاهات ومعتركات الحياة قلّت أو تلاشت، ولا تضاهي شيئًا مقارنة بنعمة الصحة والعافية، وأمام طلب مرضاة الله وابتغاء الأجر والثواب.
ومن المواقف الكثيرة أيضًا في وطني أن أمي -رحمها الله- زُرعت لها الكُلْيَةُ مرتين، وصُرف لها علاج للكبد سعره مرتفع جدًّا وشُفيت ولله الحمد.. و، و.. الكثير الكثير مما لا يسع المجال لذكره! هذا فضلًا عمّا قُدِّم من مساعدات وتسهيلات وجهود لغيرنا سواء كانوا في داخل الوطن أو خارجه.. هذه هي السعودية العظمى! وهذا هو العطاء السخيّ الممتدّ! وهؤلاء هم الحكام السعوديون العظماء الأفاضل!
ولْتعلموا أني لن أوفي ولاة أمرنا الأماجد -أيَّدهم الله وحفظهم- حقَّهم مهما تكلّمت وعبّرت! لكنني أبذل وأبذل بكل ما في وسعي وأكثر لشكرهم ولرفعة وطني.
حقيقة.. نحن ننعم بخيرات ورغد عيش وأمن وأمان، وأمورنا في سعة وإن ضاقت دنيانا أحيانًا، لكن الفرج؛ واليُسر آتٍ ومحقَّق بإذن الله! و، و.. الكثير الكثير من النعم تحفُّنا؛ وهنا يحقُّ لي أن أكتب دعاءً نابعًا من قلبي: اللهمَّ أعِزَّ المملكةَ العربيةَ السُّعوديةَ عِزًّا فوقَ عزِّها، واجعل عزَّها يدوم ويزيد فيما ترضاه ربَّنا. آمين.
من قبل، والآن، ومستقبلًا -إن شاء الله- سأسخّر قلمي لخدمة ديني ثم مليكي ووطني؛ فالوطن لديَّ خطٌّ أحمر.. من يتكلم حرفًا ضدَّه ألجمتُه حججًا وبحورًا من كلمات تخرسه وتخنسه، أو يعود لرشده ويعقل؛ فمن لم يثمر المعروف معه في وطنه لا يؤتمن أبدًا ولا يصاحَب خِلًّا، ومن لم يخشَ الله في أباطيله -حتى في عداوته- فلن يؤاخى في صحبة، ولن يكون محلَّ ثقة، ولا يؤمن له سوء عاقبة ولا شدة عقاب، ولن ينجو إلا أن يثوب لرشده وإصلاحه، أما من يخون الوطن -وهو مستمر- فخيانته في كل شيء متوقَّعة في كل حين، ونكرانه وارد، وعداوته مرض معدٍ لأمثاله.. والحصانة لأضداده المخلصين؛ وهم محلُّ اعتزازٍ ورُقِيٍّ ونبلٍ ومروءةٍ وفهمٍ وشهامةٍ وحكمةٍ وفطنة، ومواقفُهم شجاعة؛ فهم الأبطال الذين لا يرضون الخراب أو الفساد في وطنهم.. الحماة فوق أرضهم وتحت سمائهم، يقدّمون أرواحهم دروعًا للدين ثم للوطن والمليك المفدَّى وأنفسهم فداء للدين ثم للأرض وللعزة والكرامة.. هؤلاء هم عنوان الوفاء بكل نقطة عرق مسحت، وبما اجتهدوا وعملوا وقدموا وحققوا؛ وبكل انسكاب قطرة دم شريف حرّ أبيّ كريم عطر طاهر عانقت الأرض وارتفعت شرفًا.
وطني أنت الصديق.. أنت القريب للقلب، الأنيس للروح، البهجة للحياة.. ولا يلام قلبي في حبك؛ لا يلام وأنت وطني العزيز وصديقي الوفيّ الذي لم يتخلَّ عني ولا عن أمي رحمها الله رحمةً واسعة. آمين.