د. زايد الحارثي
في يوم الثلاثاء العشرين من شهر شعبان لعام أربعمائة وستة وأربعين بعد ألف من الهجرة النبوية الموافق الثامن عشر من شهر فبراير لعام 2025 ميلادي توفي إلى رحمة الله الأديب والمربي والشاعر السعودي العصامي الذي حفر من الصخر للوصول إلى أعلى مراتب العلم والأدب، ليس على مستوى جامعة أم القرى التي أسهم فيها في تأسيس الدراسات العليا العربية، بل على مستوى المملكة، بل وعلى مستوى العالم العربي؛ فعلى المستوى العلمي والأدبي لا يتسع المجال في سرد بعض من أهم إنجازاته الأدبية تأليفاً وبحثاً فتحتاج إلى عدد خاص يفرد لتعدادها، فالمكتبات تزخر بمؤلفاته في النقد الأدبي والأدب المقارن والشعر، ومنها العديد مما حصل به على جوائز لما أضافته من إبداع وتميز في المجال، هذا فضلاً على ما حظي به من تكريمات عدة -رحمه الله- في محافل عديدة باستحقاق.
أما على المستوى الشخصي وهو ما أعرفه عنه مباشرة لسنوات عديدة فيشرفني في هذا المقال التأبيني أن أذكر بعضا مما أعرفه عن شخصيته، فقد نشأ في قرية من قرى ميسان بني الحارث الموسى في ظروف صعبة، وبالذات على المستوى الاقتصادي، وكان والده الشاعر المعروف مريسي الحارثي على مستوى المملكة في الشعر والمحاورات التي تتسم بالحكمة والأدب الرفيع، وهو ما توارثه ابنه د. محمد في سمو شخصيته وكفاحه، وهو ما أثمر عن أدبه الجم وشعره الراقي، وقد انعكست سماته الشخصية في تربيته لأبنائه الذين تربوا أحسن تربية وأعلاها؛ فمشهور الابن البكر أديب وإعلامي وبارع في كل مشاركاته الأدبية وحواراته الفكرية، والدكتور منصور والدكتور مازن وبقية الأبناء والبنات الفضلاء والفاضلات الدكتورات أنهم نتاج تلك التربية النموذجية للقدوة الصالحة محمد بن مريسي، ولقد أرسى -رحمه الله- مشاعر الحب والتضحية والعطاء لكل من كان حوله ومعه من شركاء في المهنة والطلاب والأقارب، بل أبناء الوطن عموماً، وفي ذلك فهو قد أرسى تعزيز قيم حب الوطن والولاء والوفاء لمن عرفه وتعامل معه.
واليوم وبعد أن أفل نجم الأديب الأريب محمد بن مريسي الحارثي لا يتسع المقام إلا الدعاء له بالرحمة والمغفرة ويا لها من حسن خاتمة بإذن الله بما ترك من مآثر علمية وأدبية وأبناء قدوات ومآثر حميدة جارية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها رحمك الله أبا مشهور وأسكنك فسيح جناته، وألهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.