خالد بن حمد المالك
انعقدت القمة العربية الطارئة أمس في القاهرة، وسط ظروف ومستجدات على الساحة الفلسطينية والعربية يمكن وصفها بأنها أصعب فترة تواجهها القضية الفلسطينية والدول العربية ذات الحدود مع إسرائيل.
* *
فليس خافياً على أحد أطماع إسرائيل في التوسع على حساب الأراضي الفلسطينية والسورية واللبنانية، بدليل احتلالها مؤخراً لأراض في سوريا ولبنان، والإعلان عن نيتها بضم الضفة الغربية في فلسطين، وتهجير الفلسطينيين من غزة لنفس الهدف.
* *
وجاء انعقاد القمة ضرورة في ظل هذا العدوان الإسرائيلي على شعوب فلسطين وسوريا ولبنان، وامتداداً لاحتلالها لأراض سورية ولبنانية، ورفضها الأخذ بخيار الدولتين، مع الاستمرار في عدوانها على كل الجبهات الثلاث، مع تأكيد رئيس وزراء إسرائيل على أن العدوان سوف يتسع ليصل إلى سبع جبهات.
* *
سبق انعقاد قمة القاهرة، قمة أخرى في الرياض لقادة دول مجلس التعاون وملك الأردن والرئيس المصري، للتحضير والتنسيق، ورسم رؤية موحَّدة لما يفترض أن تخرج به القمة الاستثنائية بالقاهرة من قرارات لمواجهة احتلال إسرائيل للأراضي السورية واللبنانية، ومواجهة التوجه العدواني لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وإعلان تل أبيب عن نيتها بضم الضفة الغربية، وكذلك عدم التزامها بوقف إطلاق النار في غزة، وتبادل الأسرى بعد انتهاء المرحلة الأولى.
* *
هذه الملفات تكتسب خطورتها من كون الولايات المتحدة الأمريكية تؤيِّد إسرائيل بشكل مطلق في كل قراراتها وسياساتها، بل إن الرئيس الأمريكي ترامب يظهر أحياناً في تصريحاته وكأنه أكثر إصراراً على تطبيق الرؤية الإسرائيلية التي تتجاوز المواثيق الدولية، بانحياز كامل، وهذا الموقف الأمريكي المنحاز هو ما يشجِّع إسرائيل على رفض أي حلول تجنّب المنطقة الكثير من الويلات.
* *
انتهى اجتماع قمة فلسطين، وهذا ما أطلق على القمة العربية الاستثنائية التي عُقدت بالقاهرة، بقرارات لامست مشكلة من سوف يدير قطاع غزة إثر التطورات التي حولت القطاع إلى أنقاض، وآلية بناء ما هدمه العدو، ورفض احتلال إسرائيل لأي أراض في سوريا ولبنان، والمطالبة بانسحاب العدو منها، ووقف التصعيد في الضفة الغربية، واستكمال ما تم الاتفاق عليه بين حماس وإسرائيل لوقف القتال وتبادل الأسرى، والمهم إصرار القادة العرب على الأخذ بخيار الدولتين، لأنه لا حل ولا استقرار دون قيام دولة فلسطينية على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.
* *
لا نعتقد أن إسرائيل سوف تتجاوب مع قرارات قمة فلسطين، ومثلها الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة الرئيس ترامب، غير أن هذا التصلّب الأمريكي الإسرائيلي وإن أخَّر التجاوب مع الحلول العربية التي صدر بيان بها بعد اختتام القمة العربية، لا يُسقط إصرار العرب وبينهم الفلسطينيون على حقوقهم المشروعة التي لا تنازل عنها، مع رفض أي مقايضة لها بأي أفكار أو مقترحات أخرى تحول دون قيام دولة فلسطينية.
* *
التحديات كثيرة وكبيرة، ولا يمكن التقليل منها، وفقاً لما تم الاعتياد عليه من إسرائيل، حيث المراوغة، وعدم التزامها بما تتفق عليه، وميلها عوضاً عن الحلول السلمية إلى تفجير الوضع بحروب تستخدم فيها أسلحتها الأمريكية المتطورة لجعل المنطقة في حالة من عدم الاستقرار، واستثمار ذلك في تحقيق أطماعها بالمنطقة.
* *
غير أن ما تم التوصل إليه في القمة الفلسطينية الاستثنائية يرسل إشارات على أنه لا استسلام، ولا قبول بما يضر بالقضية الفلسطينية، ولا تراجع في الموقف العربي بحق الفلسطينيين بدولة تأويهم على أراضيهم، دولة قابلة للحياة، متعايشة مع جيرانها، ضمن رؤية عربية لإنهاء هذا العدوان الإسرائيلي المغلَّف باحتلال المزيد من الأراضي الفلسطينية والعربية، وعدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة.