عايض بن خالد المطيري
شهد العمل الخيري في المملكة العربية السعودية تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، حيث لعبت التقنية والحوكمة دورًا أساسيًا في تعزيز فاعليته وضمان وصول التبرعات إلى مستحقيها بسرعة وكفاءة. في هذا السياق، برزت منصة إحسان الوطنية للعمل الخيري كإحدى المبادرات الرائدة التي ساهمت في تسهيل عملية التبرع، وتعزيز الشفافية، وترسيخ ثقافة العطاء المجتمعي.
منذ إطلاقها في عام 2021، أصبحت منصة إحسان علامة فارقة في عالم العطاء والتكافل الاجتماعي، بعد أن أعلنت عن تجاوز حجم التبرعات عبرها 10 مليارات ريال. لم يكن هذا الرقم مجرد نجاح رقمي، بل شهادة على الثقة الكبيرة التي أولاها المجتمع لهذه المنصة، التي استطاعت بفضل التقنية الحديثة والحوكمة المتقدمة أن تسهل وصول التبرعات إلى مستحقيها بسرعة وأمان.
كان الإشراف الحكومي المباشر على أعمال إحسان أحد أهم أسباب نجاحها، حيث ضمنت الجهات المعنية أن تكون عمليات جمع التبرعات وتوزيعها تتم وفق أعلى معايير الشفافية والنزاهة، مما زاد من إقبال المتبرعين عليها. ومع إطلاق الحملة الوطنية للعمل الخيري في نسختها الخامسة، برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - كانت الاستجابة استثنائية، إذ تجاوز حجم التبرعات في الساعات الأولى 700 مليون ريال، في مشهد يعكس مدى التلاحم المجتمعي ورغبة الأفراد والمؤسسات في المساهمة في فعل الخير.
في ظل هذا النجاح المتنامي، تلوح فكرة توحيد العمل الخيري تحت مظلة إحسان بقوة، إذ إن وجود منصة مركزية تدير عمليات التبرع والتوزيع قد يعزِّز كفاءة القطاع الخيري، ويضمن وصول المساعدات إلى أكبر عدد من المستفيدين في أسرع وقت ممكن.
كما أن ذلك قد يسهم في الحد من العقبات التي تواجه بعض الجمعيات الخيرية التقليدية، مثل محدودية الموارد وصعوبة إيصال الدعم إلى الفئات الأكثر احتياجًا.
ويمكن الاستفادة من الجمعيات الحالية كفروع للمنصة، مما يعزِّز الاستفادة من خبرتها العميقة في الميدان وعلاقاتها المباشرة مع المستفيدين، الأمر الذي يجعل تكاملها مع المنصة ضرورة لتحقيق النجاح، وليس بهدف إلغائها.
ما تحقق حتى الآن مع إحسان يؤكد أن العمل الخيري في السعودية يشهد نقلة نوعية غير مسبوقة، حيث لم يعد العطاء مقصورًا على الطرق التقليدية، بل أصبح أكثر تطورًا وفاعلية بفضل التكنولوجيا والحوكمة الرشيدة.
وبغض النظر عن الشكل المستقبلي لمنظومة العمل الخيري، فإن المؤكد هو أن «إحسان» نجحت في تغيير مفهوم التبرع، وجعلته أكثر سهولة وأمانًا، مما يرسخ مكانة المملكة العربية السعودية كواحدة من أبرز الدول في دعم العمل الإنساني والخيري على مستوى العالم.