م. سطام بن عبدالله آل سعد
في مباراتنا أمام الصين، لم تكن المواجهة فقط ضد منتخب آخر داخل الملعب، بل كانت مواجهة مع أنفسنا... مع ضياع الهيبة، وتلاشي هوية كروية صنعناها ذات يوم حين أذهلنا العالم في لوسيل، وأسقطنا بطل العالم، الأرجنتين، في واحدة من أجمل لحظات الكرة السعودية.
لكن ما رأيناه أمام الصين كان صادمًا. منتخبنا ظهر باهتًا، وكأنه فريق تائه فقد هويته وشغفه. حتى بعد الطرد الصيني في الشوط الأول، لم نر أي ردة فعل حقيقية. لم نشعر أن هناك خطة أو رغبة واضحة لاستغلال التفوق العددي. الهدف الوحيد جاء بمجهود فردي، لا يعكس عملا جماعيا أو منظومة فنية متماسكة.
سبع مباريات خضناها في هذا الدور من التصفيات... والنتائج؟ ثلاثة تعادلات، فوزان بلا طعم، وهزيمتان كشفتا هشاشة الفريق على الصعيدين الفني والنفسي. سجلنا 4 أهداف فقط، نصفها سجله مدافع، وهدف من لاعب وسط، وآخر من سالم الدوسري. أما المهاجمون؟ فلا حس ولا خبر، ولا حتى محاولة لترك أثر.
المدرب وقف متفرجًا أمام اللاعبين في مواجهة الصين، يراقبهم وهم يستحوذون على الكرة بلا جدوى، وكأنهم يؤدّون مهمة روتينية، بلا جدية، وبلا تلك الشرارة التي تصنع الفارق في ميادين المعارك الكروية.
ولكن... الغياب الأكبر لم يكن في الملعب فقط، بل خلف الكواليس. غابت الرؤية، غابت الخطة، وغاب الطموح. هل يُعقل أن نتعامل مع منتخبنا الوطني وكأنه فريق مؤقت بلا مشروع طويل المدى؟ كيف ننافس في قارة تتطور بسرعة البرق، ونحن ما زلنا نُدير الكرة بعقلية الأمس؟
نحن اليوم في المركز الثالث بـ9 نقاط، خلف أستراليا بـ10، واليابان المتأهلة بـ19 نقطة. وما ينتظرنا ليس سهلًا، فاليابان في سايتاما، والبحرين في المنامة، وأستراليا في الرياض. هذه الفرق تملك خططًا وتنظيمًا وانسجامًا، بينما نحن ما زلنا نبحث عن أبسط مقومات الفريق الحقيقي.
المنتخب الذي أسقط الأرجنتين لا يحق له أن يتعثر أمام الصين، أو أن يبدو بلا أنياب أمام البحرين وإندونيسيا. فانتصار لوسيل لم يكن لحظة فرح وانتهت، بل كان يجب أن يكون بداية لمشروع وطني يبني منتخبًا قويًا يفرض احترامه على القارة كلها. لكن المؤسف أن تلك اللحظة المجيدة بدأت تتبخر، تتلاشى تدريجيًا، وكأننا نترك الحلم يذوب بأيدينا كلما تكرر الظهور الباهت.
اليوم، يبدو التأهل إلى المونديال مهمة صعبة... بل شبه مستحيلة إن استمر الحال على ما هو عليه. وما لم يتم التحرّك سريعًا، فقد نخسر الفرصة بالكامل... وامنتخباه، أما آن للمجد أن يُستعاد؟