مبارك بن عوض الدوسري
يوم العلم السعودي، الذي يحتفل به في 11 مارس من كل عام، كان فرصة لإبراز رمزية العلم الوطني وتعزيز مكانته في نفوس الأجيال، إلا أن هذا الحدث كشف عن أوجه قصور كبيرة في مدارسنا فيما يتعلق بالثقافة الوطنية الخاصة بتقاليد وإرشادات رفع العلم الوطني، فقد انتشرت خلال الاحتفال عبر وسائل التواصل الاجتماعي خاصة المدارس مشاهد صادمة ومؤسفة من صور ومقاطع فيديو من مدارس عدة في مختلف مناطق ومحافظات المملكة، أظهرت ضعف الاهتمام بتقاليد العلم السعودي، بدءا من عدم وجود سواري نظامية تتناسب مع معايير الارتفاع المطلوبة، مرورا برفع الإعلام على مبان دون مراعاة القواعد الصحيحة، وانتهاء بالمشهد الأكثر إيلاما؛ أعلام ممزقة ومتآكلة تكاد ترفرف فوق بعض مباني المدارس، فهذه المشاهد، التي وثقتها المدارس نفسها دون إدراك من بعضها وربما الأغلبية، تعكس غياب الوعي بقدسية العلم السعودي وما يمثله من هوية وطنية، وهذا يجرنا إلى أن نتساءل أين التثقيف والتطبيق؟ هذا الواقع يثير تساؤلات ملحة: لماذا لا يتم تثقيف الطلاب والطالبات والمعلمين والمعلمات والإداريين والإداريات على نحو كاف حول البروتوكولات الرسمية الخاصة بالعلم؟ ولماذا تغيب الرقابة على تطبيق الأنظمة التي تنظم كيفية رفع العلم الوطني داخل المؤسسات التعليمية والمؤسسات الأخرى؟ بل الأدهى أن بعض المدارس تفتقر حتى إلى السارية النظامية سواء بساحة المدرسة أو على المنشأة، وهو أمر يعكس ربما من غير قصد ضعف التخطيط والاهتمام بهذا الجانب.
إن المطلوب منا اليوم ليس فقط الاحتفال بيوم العلم، بل تحويله إلى فرصة حقيقية لتعزيز قيم احترام العلم ورمزيته الوطنية، ويمكن تحقيق ذلك من خلال إطلاق حملات توعوية داخل المدارس لتعريف الطلاب والطالبات ومنسوبيها بالقواعد الصحيحة لرفع العلم والعناية به، وإلزام جميع المدارس بتركيب سواري نظامية تتناسب مع المعايير المطلوبة، سواء في الساحات أو فوق المباني، وتشديد الرقابة والمحاسبة على المدارس التي تهمل رفع العلم أو ترفعه بطريقة غير لائقة، وإدراج دروس خاصة في المناهج تتناول تاريخ العلم السعودي وأهمية احترامه ومعرفة تقاليده، وإنه يجب أن يدرك الجميع أن العلم ليس مجرد قطعة قماش، فهو أحد أبرز الرموز الوطنية للمملكة العربية السعودية، حيث يعكس هويتها الإسلامية وتاريخها العريق، وهو أكثر من مجرد راية، فهو تعبير عن وحدة الشعب السعودي وفخره بتاريخه ودينه، ويمثل التلاحم والائتلاف والوحدة الوطنية في المجتمع السعودي، ويشكل قيمة خالدة ورمزا للعزة والشموخ، ودلالة على القيمة الوطنية، وإهماله يعكس خللا في فهم الهوية الوطنية، وأن الاحتفال الحقيقي بيوم العلم لا يكون بمجرد الفعاليات المؤقتة، بل بالالتزام الدائم بقيمته ورمزيته في حياتنا اليومية.