رسيني الرسيني
رقم 172 في عنوان هذه المقالة، ليس رقمًا عشوائيًا ولا خطأ مطبعيًا، وإنما رقم قرار لمجلس الوزراء ساهم في تعزيز الصناعة في السعودية. ففي عهد الملك فيصل رحمه الله -عام 1974م- صدرت الموافقة الكريمة على قرار مجلس الوزراء رقم 172 بتأسيس صندوق التنمية الصناعية السعودي، وذلك بهدف تقديم القروض للمنشآت الصناعية الجديدة، وتقديم قروض أخرى للمنشآت الصناعية القائمة للتوسع في نشاطها وأعمالها وتطويرهما، بالإضافة إلى تقديم المشورة الفنية لهذه المنشآت.
الصندوق بدأ برأس مال قدره 500 مليون ريال، ومن ثم توالت الزيادات في رأس المال تدريجًا مع مرور الأعوام بشكل يتوافق مع متطلبات كل مرحلة حتى أصبح 105 مليارات ريال في عام 2019م. ومنذ تأسيسه لعب الصندوق ثلاثة أدوار رئيسية وهي: التمويل وتقديم الدعم الفني وبناء القدرات البشرية، وهنا سأطيل قليلًا، حيث يشهد اليوم سوق العمل الحكومي والخاص نتائج الاستثمار بالإنسان وبناء القيادات ولولا قصر المقالة لسردت عددًا من أسماء القيادات الحالية كانوا من منسوبي الصندوق، وكأن الصندوق مصنع للقادة.
أما عن إنجازات هذا القرار بلغة الأرقام، فقد قدم الصندوق قروضا بقيمة تزيد عن 180 مليار ريال لأكثر من 4000 مشروع خلال الخمسة عقود الماضية. مما نتج عنه زيادة عدد المصانع في المملكة من 206 في عام 1974م إلى أكثر من 11,500 مصنع في عام 2023م، الأمر الذي عزز مشاركة الكفاءات المحلية وزيادة عدد الوظائف في هذا المجال من 10 آلاف وظيفة في عام 1974م إلى أكثر من 770 ألف وظيفة في عام 2023م.
الجهود المبذولة من الصندوق والدعم المستدام، انعكس بشكل إيجابي على نمو القطاع الصناعي في المملكة، حيث ارتفعت حجم الصادرات الصناعية بالمملكة إلى ما يزيد عن 200 مليار ريال في عام 2023م مقارنةً بأقل من مليار ريال فقط مسجلة في عام 1974م. كما ارتفع حجم الاستثمارات في القطاع الصناعي من 4 مليارات ريال في عام 1974م إلى أكثر من 1.5 تريليون ريال، وذلك وفقًا للتقارير السنوية الصادرة عن صندوق التنمية الصناعية السعودي.
حسنًا، ثم ماذا؟
عنوان هذه المقالة مستوحى من فيلم وثائقي عنوانه: «القرار 172» يحكي مسيرة 50 عامًا للصندوق. أدعو القارئ الكريم لمشاهدته ومعرفة إسهامات الصندوق في الاقتصاد الوطني والاكتفاء الذاتي في بعض الصناعات.