فهيد بن سالم العجمي
تمثل مناسبة مبايعة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حدثًا مبهجاً وسعيداً لأبناء المملكة الذين تشهد بلادهم قفزات تنموية غير مسبوقة، انعكست على مختلف الجوانب السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية. ولعل رؤية المملكة 2030 كانت بمثابة خارطة طريق استراتيجية أطلقها سموه لوضع المملكة في مصاف الدول المتقدمة، مع الحفاظ على ثوابتها الدينية والوطنية.
التحولات السياسية والدبلوماسية
على الصعيد السياسي، عزز سمو ولي العهد موقع المملكة على الساحة الدولية، متبنيًا سياسة خارجية قائمة على التوازن والقوة الناعمة والمصالح الاستراتيجية. اتسمت هذه السياسة بالحزم في مواجهة التهديدات الإقليمية، مع الاستمرار في بناء شراكات قوية مع القوى العالمية، كالولايات المتحدة، الصين، روسيا، والاتحاد الأوروبي، بما يخدم مصالح المملكة وأمنها القومي. كما عمل سموه على إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والعسكرية، عبر تطوير وزارة الدفاع وتعزيز القدرات العسكرية للمملكة، مع التركيز على توطين الصناعات العسكرية ضمن رؤية 2030 . كما رسّخ مكانة السعودية كقوة مؤثرة في الملفات الإقليمية، مثل القضية الفلسطينية، والأمن الإقليمي، مما جعلها فاعلًا رئيسيًا في معادلات السياسة الدولية.
الإصلاحات الاقتصادية والتنموية
أطلق سمو ولي العهد مشروع رؤية السعودية 2030، الذي يعد بمثابة التحول الاقتصادي الأكبر في تاريخ المملكة، والهادف إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط. ومن أبرز الإنجازات الاقتصادية:
* توسع عمل صندوق الاستثمارات العامة (PIF) كأحد أكبر الصناديق السيادية عالميًا، باستثمارات ضخمة في مشاريع داخلية وخارجية.
* إطلاق مشاريع ضخمة مثل نيوم، ذا لاين، والقدية، التي تعكس طموح المملكة نحو اقتصاد متنوع ومستدام.
* تطوير قطاع السياحة والترفيه، من خلال فتح المملكة أمام السياح الدوليين، وتنظيم الفعاليات العالمية مثل فورمولا 1، وبطولات المصارعة العالمية، وموسم الرياض.
* خصخصة بعض القطاعات الحيوية مثل الطاقة، الصحة، والتعليم، وتعزيز دور القطاع الخاص في التنمية.
* تمكين المرأة اقتصاديًا، من خلال منحها حقوقًا موسعة في سوق العمل، ودعم ريادة الأعمال النسائية.
الإصلاحات الاجتماعية والثقافية
شهدت المملكة إصلاحات اجتماعية غير مسبوقة، كان أبرزها تمكين المرأة في مختلف المجالات، وتعديل العديد من الأنظمة التي عززت مكانتها في المجتمع، مثل السماح لها بقيادة السيارة، وزيادة نسبة مشاركتها في سوق العمل، وتوليها مناصب قيادية.
كما قام سمو ولي العهد بإطلاق مشاريع ثقافية ضخمة، مثل تطوير الدرعية التاريخية، وبرنامج جودة الحياة، وتعزيز مكانة الفنون والرياضة والترفيه، مما جعل المملكة وجهة ثقافية وسياحية عالمية.
الحوكمة ومكافحة الفساد
اتخذ سمو ولي العهد نهجًا حازمًا في مكافحة الفساد، حيث تم إنشاء لجنة مكافحة الفساد برئاسة سموه، وأُعيدت مليارات الريالات إلى خزينة الدولة، مما عزز مناخ الشفافية والنزاهة، وأعاد الثقة إلى المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص.
ختامًا: فإن العهد الزاهر للمملكة استطاع أن يوازن بين التطوير الاقتصادي، والتقدم الاجتماعي، والقوة السياسية، مع الحفاظ على الهوية الإسلامية والعربية للمملكة. إن هذا العهد هو عهد الإنجازات المتسارعة، والمشاريع الطموحة، والتحولات العميقة التي ستجعل من المملكة نموذجًا عالميًا في التنمية والازدهار.