هادي بن شرجاب المحامض
في السادس والعشرين من شهر رمضان المبارك من كل عام يجدد السعوديون عهد الولاء والفخر بقيادة صنعت المستحيل، وجعلت من المملكة نموذجًا عالميًا في النهضة والتطور.
إنها ذكرى بيعة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وليًا للعهد، وهي ليست مجرد مناسبة، بل شهادة على التحولات الجذرية التي شهدتها المملكة في مختلف المجالات، حيث باتت السعودية قوة اقتصادية وسياسية وعلمية ورياضية وثقافية رائدة عالميًا.
منذ توليه ولاية العهد، أحدث الأمير محمد بن سلمان نقلة نوعية في جميع قطاعات الدولة، فقاد ثورة اقتصادية، وفتح آفاقًا جديدة للابتكار، ورسخ مكانة المملكة كقوة عالمية.
رؤية 2030 التي أطلقها سموه لم تكن مجرد خطة، بل كانت انطلاقة نحو مستقبل أكثر ازدهارًا من خلال تنويع الاقتصاد، وتعزيز الاستثمار، والانفتاح الثقافي، وتمكين الشباب والمرأة. وقد وضعت المملكة حجر الأساس لمشاريع ضخمة تغير مستقبلها، أبرزها مشروع نيوم، المدينة الذكية التي ستكون مركزًا عالميًا للتقنية والاستدامة، ومشروع البحر الأحمر الذي يعد وجهة سياحية فاخرة تجمع بين الطبيعة والتقنيات الحديثة، إضافة إلى مشروع ذا لاين، المدينة الخالية من الانبعاثات الكربونية التي تعتمد بالكامل على الطاقة المتجددة، ومشروع القدية الذي يعد أكبر مدينة ترفيهية ورياضية وثقافية في الشرق الأوسط.
السعودية اليوم واحدة من أسرع الاقتصادات نموًا في العالم، بفضل الاكتتاب العام لأرامكو، الذي سجل أكبر طرح في تاريخ الأسواق المالية، وبرنامج شريك الذي يدعم الشركات الوطنية ويحفز الاستثمار، إلى جانب تطوير قطاع السياحة، حيث شهدت المملكة ارتفاعًا غير مسبوق في أعداد الزوار بعد فتح التأشيرة السياحية وإطلاق مشاريع ضخمة مثل العلا والدرعية. ولم يكن تمكين المرأة والشباب غائبًا عن أولويات القيادة، فقد شهدت المملكة في عهد الأمير محمد بن سلمان قفزات نوعية في هذا المجال، حيث تولت المرأة السعودية مناصب قيادية غير مسبوقة، كما تم دعم ريادة الأعمال، مما أدى إلى ازدهار الشركات الناشئة والتقنية، إلى جانب إنشاء برامج تعليمية متقدمة في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.
على الصعيد الدولي، عززت المملكة مكانتها كقوة مؤثرة عالميًا، حيث قادت قمة مجموعة العشرين (G20) عام 2020، وعززت علاقاتها الاستراتيجية مع القوى الكبرى، كما أطلقت مبادرات مثل السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر لمكافحة التغير المناخي.
أما في مجال الرياضة والترفيه، فقد أصبحت السعودية في قلب الأحداث العالمية، حيث فازت باستضافة مونديال كأس العالم 2034، وهو إنجاز تاريخي يعكس مكانة المملكة المتصاعدة في عالم الرياضة، إلى جانب استضافة بطولة الفورمولا 1 في جدة، ونزال القرن في الملاكمة، وكأس العالم للأندية، والسوبر الإسباني والإيطالي، كما جعل موسم الرياض العاصمة مركزًا عالميًا للترفيه.
وفي مجال التكنولوجيا والابتكار، شهدت المملكة تحولًا نوعيًا من خلال إطلاق مشاريع مثل نيوم كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، وSTC Pay التي جعلت السعودية رائدة في مجال المدفوعات الرقمية، إلى جانب الاستراتيجية الوطنية للفضاء التي تهدف إلى جعل المملكة من رواد الفضاء والتكنولوجيا.
لقد أصبحت المملكة في عهد الأمير محمد بن سلمان قوةً عظمى ذات هيبة، وصار قرارها هو الفيصل الذي يرجح كفة أي دولة تنضم إلى جانبها، فما من قضية عالمية كبرى إلا والمملكة شريك أساسي في حلها، وما من أزمة إلا وكان رأيها هو الأكثر تأثيرًا. لم تعد السعودية مجرد قوة إقليمية، بل باتت ركيزة أساسية في النظام الدولي، وقوة تفرض احترامها على الجميع، من الشرق إلى الغرب. ولم يكن مشهد «سلام القبضة» بين الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي جو بايدن إلا انعكاسًا واضحًا لمعادلة القوة الجديدة، فبعد أن حاول الغرب تهميش المملكة، وجدوا أنفسهم مضطرين للعودة إليها طلبًا للرضا والتعاون، ليصبح العالم بأسره يدرك أن أي تجاهل للسعودية يعني خسارة إستراتيجية كبرى.
وعلى الصعيد الاقتصادي، استطاع الأمير محمد بن سلمان أن يجعل المملكة لاعبًا رئيسيًا في سوق النفط العالمي، ففرض معادلات جديدة لا يمكن تجاوزها. اليوم، أي محاولة للسيطرة على أسعار النفط دون الرجوع للمملكة ستواجه برد فعل قوي يعيد التوازن إلى مكانه الصحيح، فقد أثبتت القيادة السعودية قدرتها على «الطحن» في سوق النفط العالمي، مما جعل الدول العظمى تدرك أن استقرار السوق يعتمد على رؤية وسياسات ولي العهد، الذي أصبح المهندس الحقيقي لأسعار الطاقة العالمية.
أما في عالم السياسة، فقد تحولت المملكة إلى مقر الحلول العالمية، وباتت الدبلوماسية السعودية حجر الأساس في حل النزاعات الدولية. بفضل شخصية الأمير محمد بن سلمان، أصبحت الرياض مركزًا للتفاهمات الكبرى، حيث شهد العالم كيف توسطت السعودية لإنهاء الأزمات بين روسيا وأوكرانيا، وبين الولايات المتحدة وخصومها، وأصبحت المملكة هي الجسر الذي يربط القوى العظمى ببعضها، فحين يعجز الآخرون عن إيجاد حلول، تتجه الأنظار إلى السعودية، التي باتت تمتلك مفاتيح السلام والتوازن الدولي.
كل هذه الإنجازات لم تأتِ من فراغ، بل كانت نتاج رؤية قائد استثنائي جعل من المملكة قوة يحسب لها ألف حساب، وأعاد صياغة موقعها على الخريطة العالمية. اليوم، لم تعد السعودية مجرد دولة نفطية أو قوة اقتصادية، بل أصبحت محورًا استراتيجيًا لا يمكن تجاوزه، وأصبح العالم كله، من واشنطن إلى موسكو، ومن بكين إلى العواصم الأوروبية، يدرك أن أي قرار كبير لا يمر عبر الرياض، هو قرار ناقص.
في ذكرى البيعة، يقف السعوديون بفخر أمام هذه الإنجازات العظيمة، ويجددون ولاءهم لقائد جعل المستحيل ممكنًا، وصنع مجدًا سعوديًا جديدًا.
إنها ليست مجرد ذكرى، بل محطة للإشادة بما تحقق، واستشراف لمستقبل أكثر إشراقًا بقيادة حكيمة، ورؤية طموحة، وإرادة لا تعرف المستحيل. هنا المملكة العربية السعودية، وهنا محمد بن سلمان، وهنا المستقبل الذي نصنعه اليوم ليبهر العالم غدًا.