م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - ما هي المشاعر؟ إنها الروح، فالإنسان كتلة من المشاعر، وإذا فقد الإنسان مشاعره فقد روحه.. الإنسان ليس جسداً وليس عقلاً، فهما مجرد وسائل، الإنسان روح، والروح هي مجموعة المشاعر التي تحرك الوسائل ممثلةً بالجسد والعقل.. الإنسان لا ينضج باكتمال نموه العضلي، ولا ينضج باكتمال معارفه العقلية، نعم يقوى لكنه لا ينضج، الإنسان ينضج فقط باكتمال مشاعره الروحية.
2 - المشاعر مكون داخلي، تتأثر بالخارج لكن مقدار تأثرها يعتمد على نوعية المشاعر التي يملكها الإنسان من نواحي قوتها وسعتها وعمقها.. ولو نظرنا إلى حياة الإنسان لوجدنا تقدمه أو تأخره يعتمد بشكل كبير جداً على داخله، والماكينة المحركة في داخله هي المشاعر.. فالجسد ما هو سوى كتلة عضلية تؤدي أدواراً بتوجيه من المشاعر، وقوة الجسد أو ضعفه أيضاً تحدد ذلك الدور.. وكذلك الحال بالنسبة للعقل، فالعقل مضغة تقوى أو تضعف بالعلم والمعرفة والخبرات، وله دور أيضاً يلعبه، بتأثير من المشاعر التي تخلق الأفكار في العقل، والعقل يجد الآليات لتنفيذ تلك الأفكار.. فالجسد والعقل ما هما سوى وسيلتين تتحكم بهما المشاعر، فبلا مشاعر يصبح الإنسان بلا روح، فقط جسد وعقل يعملان بلا توجيه أو قواعد أخلاقية.
3 - المشاعر هي مصدر الطاقة يقابلها الجسد والعقل اللذين هما مصدر القوة التي تغذيها الطاقة فتتحرك وتعمل، وبلا طاقة تتوقف حركة الجسم وعمل العقل.. وأفضل مثال على ذلك مشاعر الحب وما تعمله في الجسد والعقل، وكيف أن أجسادنا سوف تستسهل الصعاب والعقبات في سبيل الاتصال بمن نحب، وكيف أن عقولنا سوف تبتدع الأفكار والخطط والآليات والمبررات والأعذار والمنطق الذي يحفز الجسد للحركة وتحمل التكاليف المترتبة مهما كانت للوصول إليه.. ذات الفكرة تنطبق على بقية المشاعر من خوف وغضب وشعور بالذنب وغيرها من المشاعر المتولدة منها.
4 - أكبر مشكلة يمكن أن يواجهها الإنسان هي عدم توافقه مع مشاعره، بمعنى أن يشعر الإنسان بشيء لكن جسده أو عقله أضعف من أن يستجيب لتلك المشاعر، وهذا له تأثيرات هائلة على رؤية الإنسان لنفسه وللمحيط حوله.. عدم التوافق هذا يخلق حالة من التصادم الذي يربك حياة الشخص فيعيش في دوامة المشاكل والأمراض النفسية، ويصبح محاطاً بمشاعر النفور من كل شيء حوله بل والنفور من كل شيء داخله، فحينما يعجز الإنسان عن النظر داخل نفسه سوف يكون حتماً عاجزاً عن النظر خارج نفسه، تلك حقيقة ثابتة.
5 - كتلة المشاعر التي تملأ الإنسان والتي تتحكم في أفكاره وبالتالي سلوكياته تحتاج دائماً إلى العناية والترتيب والتنظيف إذا لزم الأمر، واستبعاد غير الصالح فيها كالمشاعر السلبية أو المتطرفة غير الموزونة.. لا بد من قضاء بعض الوقت يومياً لترتيب تلك المشاعر التي أصابتها الفوضى نتيجة هجمة خارجية متوقعة أو غير متوقعة.. والنظر في عمل مصدات تحمي المشاعر المستقرة، أو كمادات تبرد المشاعر الثائرة، أو طاقة تحفز المشاعر الراكدة، أو موجهات للمشاعر المستعدة للتفاعل.. والعناية بمشاعرنا الإنسانية المتعاطفة الرحيمة المعطاء.. يفترض أن يكون اهتمامنا بكياننا الداخلي أضعاف اهتمامنا بمحيطنا الخارجي، وهو ما ليس كذلك للأسف.