الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
كشف الشيخ الداعية عبدالله بن متعب الطيار أن هناك دعوة لو لازمها الإنسان وتحيّن بها الأوقات الفاضلة، ومواطن الإجابة لتغيرت حياته بالكلية، ومن هذه الدعوات الدعاء النبوي «اللهم اهدني وسددني»، حيث إن هذا الدعاء من أنفع الأدعية في مسيرة الإنسان الذي تتناوشه كثير من الأحوال والظروف والتغيرات، ولا يتأتى على حال واحدة من الصفاء وإدراك الصواب في كل قضية، وإذا لم تستمد العون من ربك، فأول ما يأتيك النقص من اجتهادك، مشدداً على أنه لا مناص من لزوم الاستعانة بالله، والتبرؤ من الحول القوة قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لعلي بن أبي طالب موجهاً: (قُلِ اللَّهُمَّ اهْدِنِي وَسَدِّدْنِي، واذْكُرْ بالهُدى هِدَايَتَكَ الطَّرِيقَ، والسداد سداد السهم) رواه مسلم، فهنا وضح النبي الهداية هداية الطريق فقوله (اهدني) أي دلني وأرشدني، وبين السداد سدادك بالسهم نحو الغرض، فقوله (سددني) أي وفقني للإصابة في جميع الأقوال والأفعال والمقاصد كلما انتصب لشيء أحرز قلبه، وأصاب كبده، وأدرك مطلبه، وإياك أن تعتقد أن إصابة الأهداف، والوصول إلى المرامي نطاق ضيق بل في كل باب ينشده الإنسان في مصالح دينه ودنياه.
واسترسل الشيخ عبدالله الطيار في حديثه قائلاً: وقد أعطي النبي -صلى الله عليه وسلم- جوامع الكلم، فمثلاً شخص يعاني من التشتت والحيرة، أو من الأفكار السلبية التي تعوقه عن مطالبه، أو كلما سلك باباً أخفق سعيه يلجأ إلى الله بهذا الدعاء، وفي باله هداية الطريق وعدم الحيرة، وفي خاطره سداد السهم في سرعة الوصول وإصابة الهدف دون صوارف وإخفاقات، وهكذا استثمر هذا الدعاء العظيم في کل باپ ترومه، مشيراً إلى أن
الدعاء ليس سرد كلمات فحسب، وإنما ينبغي حضور معانيه في قلبك حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لعلي لما أرشده لهذا الدعاء واذْكُرْ بالهدى هدايَتَكَ الطَّرِيق، والسداد سداد السهم)، ويجدر عند قيام حاجة أن يكون قلب الداعي مواطئاً لما ينويه من المقاصد والحاجات.
ومن ناحية أخرى قال الشيخ عبدالله بن متعب الطيار: إذا أردت كفاية الشرور، وتيسير الأمور فأحسن دعاء الله بالاستعاذات كما تحسن دعاءه بالسؤالات والمطلوبات؛ فالاستعاذة يغفل عنها الكثير، وهي في الحقيقة عصمة من شرور محدقة، ودفع لمصائب ومخاطر لا سيما الاستعاذات النبوية، فإنها شاملة في استدفاع أنواع الشر كلها ولو نزل بالإنسان واحد منها لبذل الدنيا بأكملها مقابل زوال هذا المكروه، فالدعاء يردُّ البلاء. ألم يقل النبي - عليه الصلاة والسلام - كما في دعاء القنوت (وقني شر ما قضيت) رواه أبوداود.
وشدد الطيار على أن الاستعاذات النبوية لو فهم المرء معانيها، ووعى سعة مضامنيها لسارع في حفظها، واغتنم أوقات الإجابة في سردها طمعاً في إدراك ما تحويه من التحصين والعصمة، والتسهيل في إزالة العوائق، والظفر بالوقاية الإلهية الشاملة لجميع الأحوال والمقامات، منها على سبيل المثال حديث عائشة أنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَّمَها هذا الدعاء: اللهمَّ إِنِّي أسألُكَ مِنَ الخير كله عاجلِهِ وَآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنهُ وما لم أعلم، وأعوذُ بِكَ مِنَ الشِّرِّ كله عاجله وآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ منهُ وما لم أعلم) رواه ابن ماجه وصححه جماعة؛ فانظر كيف حوى دعاءً واحداً سؤال الخير كله، والاستعاذة من الشر كله العاجل والآجل، وما تعرفه من الشر وما تجهل، فهل تستطيع في دعائك الضيق الاستعاذة بالله من شرور تجهلها، ومخاطر لم تدر في بالك!، إنها بركات الدعاء المأثور الذي عليه أنوار النبوة والهداية.