والرَّقْش: تنقيط الخطوط والكتاب. والرقش: الخط الحسن، بما فيه من تفنن وتنقيط. وإن كان قد زُعم كالمعتاد أن المرقش لُقب بلقبه لبيته الآنف. لكن أولئك الذين يعللون هذا التعليل التقليدي لا يلتفتون الى ان المرقش الأكبر، قائل ذلك البيت، كان فعلاً مرقشاً كاتباً للحارث بن أبي شمّر الغساني. (ينظر: العسكري، 1981، الصناعيتن: الكتابة والشعر، تح. مفيد قميحة، بيروت: دار الكتب العلمية، 499). ولم يكن يكتب بالعربية فحسب ولكنه كان يكتب بالحميرية أيضاً، كما يشير ابن قتيبة. فقد حذق مهنة الكتابة منذ صغره، حيث كان أبوه دفعه وأخاه حَرْمَلة وكانا أحب ولده إليه الى نصراني من أهل الحيرة، فعلمهما الخط. (الأصفهاني، الأغاني). |
ثم مارس مهنة الكتابة لدى الحارث بن ابي شمر الغساني وحذق فنونها، كما تدل على ذلك توجيهات الحارث له بما ينبغي للكتابة من عناية بالابتداءات والفواصل. فكيف إذن لا يمارس الكتابة في شعره؟ وهو قد فعل، كما تدل حكاية عشقه ومراسلاته المشهورة لابنة عمه، التي ينقلها (ابن قتيبة، والأصفهاني). وكيف إذن بعد هذا كله لا يكون لقبه إلا لاستخدام كلمة (رقش) في بيته المشار إليه؟ وهل بيته ذاك أصلاً إلا انعكاس للبيئة الكتابية التي كان يتمثلها كغيره من الشعراء الجاهلين الكُتّاب، كعدي بن زيد العبادي، ولقيط بن معمر الإيادي، وأُمية بن ابي الصلت، وغيرهم. |
وإذا كانت ممارسة المرقش للكتابة ثابتة، فما مدى تأثير ذلك على شعره؟ |
بعيداً عن الأخذ بما أخبر به يونس بن حبيب كالمتعجب عن ابي أبي اسحاق وهو عالم ناقد ومتقدم مشهور، حسب وصف ابن رشيق إياه من أن المرقش اشعر أهل الجاهلية، كما ينقل ابن سلام الجمحي، أو ما أُجمع عليه من أنه أول من أطال المدح، فإن من يقرأ شعر المرقش تلفته خاصية انتظام المعاني وتسلسلها في شعره، انتظاماً وتسلسلاً يبعد أن يتأتّى لغير الشاعر الكاتب. وهو ملمح فارق عن شعر كثير من الشعراء الجاهليين. ويتبدّى ذلك في المفضلية السادسة والاربعين التي يوردها له الضبي، وغيرها من شعره. ومن معالم ذلك كثرة ربطه التعاقبي بحرف العطف الفاء، واستخدامه عبارة مثل (على أن)، أو معاقبته بين النفي و(بل)، كقوله يصف ناقة: |