أبحرتُ مؤخراً بين دفتي كتاب «مائة صورة وصورة من أرشيف وتاريخ كشافة وادي الدواسر» لمؤلفه القائد الكشفي مبارك بن عوض بن مهنا الدوسري، الذي رفعَ فيه راية الأرشفة المعرفية بالأسلوب الذي يراه مناسباً، للمحافظة عليه وإتاحته لرؤيته عبر ذلك الكتاب؛ حماية لمنجزات الكشفية، وصيتاً لإنسانها، وعرفاناً ووفاء لمسيرتها، وتصديراً لبعدها التاريخي الذي نعتز به، لتتخذه المؤسسات والهيئات تجربة وطنية إيجابية.
القائد الكشفي مبارك بن عوض بن مهنا الدوسري كمهتم بتاريخ الكشفية السعودية وتوثيقه، رأى من باب أولى أن يبدأ بمحافظته (وادي الدواسر)، التي التحق بحركتها الكشفية بجميع مراحلها، واختتم مؤخراً عمله الوظيفي الرسمي الكشفي متقاعداً بها، فخصَّص هذا الكتاب في جزئه الأول، عن قادته الكشفيين الأوائل الذين ساهموا في تأسيس الكشافة في محافظة وادي الدواسر، منتصف السبعينيات الهجرية.
وكأني به يقول: التاريخ لا يُهمل، والتاريخ سجلّ الطامحين، والتاريخ وعي بالمراحل، وما ترنو إليه التحية الكشفية، وما تصبو نحوه سارية في المعسكر، وقبعة، ومنديل، وقانون، وهدف، وشعار.
لقد حمل ذلك الكتاب صوراً خالدة وذكريات عابقة جميلة للجيل الأول من الكشافين والقادة، الذين أدّوا في وادي الدواسر واجب الكشفية، وأفسحوا عن صفحة بيضاء طالما نصعت على جباههم، وطالما أيقظوا روح العمل والتفاني، وأسهموا في وضع الأسس الثابتة والرصينة للحركة الكشفية بمحافظة وادي الدواسر في مختلف المؤسسات التي تمارس العمل الكشفي، حتى أصبحت اسماً وعلماً، في تاريخ الفوز، ومهارة الانتماء إلى منصات المنجزات المبهرة، وتمثيل الوطن في المحافل العالمية، مما جعل القائد الكشفي مبارك بن عوض بن مهنا الدوسري يستشهد ببعضها كمثال داخل ذلك الكتاب الذي يحتوي على 105 صفحة؛ ليعرف الجيل السابق مخرجات ونتائج ما قاموا بها خلال فترة التأسيس، فلا شيء يوازي الكشفية، فهي القلعة، وهي النور، وهي الدمعة مدرارة عندما يسرج البهجة خيولها في مشاعر المخلصين، عندما تظهر أقمارها في أعين العاشقين.
يتضمن الكتاب متوسط الحجم، أيضاً، وقفات شكر وتقدير لإخوته القادة الكشفيين منصور بن عبدالله المنصور، وحمد بن عبدالله المنصور، الذين تجاوزوا التحديات وعيونهم تعانق السماء، فهم لم يتأخروا عن واجب، ولم يترددوا في تحقيق طموح، لأنهم من نسل الكشافة، التي هي الحب الكبير، والتحليق، والأهداف الأنيقة، والمنارة في كبد التاريخ.
«مائة صورة وصورة من أرشيف وتاريخ كشافة وادي الدواسر» أولى بأبناء جيل كشافة وادي الدواسر اليوم قراءته للتأمل والتمعن بأن الطريق لم يكن مفروشاً بالورود، وما حققته كشافة وادي الدواسر اليوم كان بالبناء والتصميم وحب العطاء والتفاني للوطن على منجزات الرعيل الأول.
شكراً لـ«أبو عوض»، وبانتظار تاريخ كشافة المحافظات الأخرى، رسل السلام، أنار الله دروبها بالعطاء والطموح والخير والتجديد، في ظل دعم ومساندة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده - حفظهما الله.