حقوق الطبع والنَّشر
*ما رأيكم فيما يُسمَّى بالحقوق في الطبع والنشر؟
- لا شك أن الذي يتعب على شيء، وينفق عليه الأوقات والأموال أن له فيه حقًّا، فالمؤلِّف له حقٌّ في كتابه، وإن كان الأصل أن العلم للجميع، لكن يبقى أن مَن خسر على شيء ينبغي أن يُردَّ إليه على أقل الأحوال ما خسره على مشروعه، فمثلًا: أخرج كتابًا، وتعب عليه، وحقَّقه، وطبعه، فباعه بسعر التكلفة، وزاد عليه قليلًا بحيث يوفِّي بحقوق التكلفة، وما يحتاجه، وما أنفقه عليه، فمثل هذا لا يجوز التعدِّي على حقوقه، لكن طَبَع كتابًا، وباعه بضعف قيمته، والناس بحاجته، فمثل هذا لا حُرمة له، وهو مُحتكِر، فضلًا عن كونها أضعافًا كما يفعله بعض دور النشر، فلا ضرر ولا ضرار، لا يجوز أن يُضارَّ أحد: لا مؤلِّف، ولا ناشر، ولا مستفيد.
* * *
مسح المحسودة عتبةَ باب الحاسد بقماشٍ ثم غمسه في إناءٍ؛ لتتوضأ منه
*سائلة تقول: إنها كانت محسودةً أو معيونة من أشخاص معيَّنين، فهل يجوز لها أن تأخذ قطعة قماش رطبة، ثم تمسح عتبة باب بيتهم، ثم تغمسها في إناءٍ فتتوضأ منه؛ طلبًا للاستشفاء؟
- في (صحيح مسلم) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «العين حقٌّ، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استُغسِلتم فاغسِلوا» (2188)، أشار النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى العلاج، والاستغسال - كما قال العلماء- أن يقال للعائن وهو الصائب بعينه الناظر بها بالاستحسان: اغسل داخل إزارك مما يلي الجلد بماءٍ، ثم يُصَبُّ على المعين وهو المنظور إليه.
وذكر أبو داود عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كان يؤمر العائن فيتوضأ، ثم يغتسل منه المعين» (3880)، وفي (سنن ابن ماجة) عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: مرَّ عامر بن ربيعة بسهلِ بن حُنيف وهو يغتسل، فقال: لم أرَ كاليوم، ولا جلدَ مخبَّأة! فما لبثَ أن لُبِطَ به، فأُتي به النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقيل له: أدرك سهلًا صريعًا. قال: «من تتهمون به؟» قالوا: عامر بن ربيعة. قال: «علام يقتل أحدكم أخاه؟ إذا رأى أحدُكم من أخيه ما يعجبه، فليدع له بالبركة»، ثم دعا بماء فأمر عامرًا أن يتوضأ، فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين وركبتيه وداخلة إزاره، وأمره أن يَصُبَّ عليه (3509)، فيُطلَب من العائن أن يغسل وجهه ويديه وداخلة إزاره في إناء ثم يُصب على المعين، ويبرأ -بإذن الله-.
وفي قوله: «مَن تتهمون؟» يستعملها بعض الناس تبعًا لما جاء في الحديث، لكن العائن هنا في الحديث معروف فإنه سُمع يقول: «لم أرَ كاليوم، ولا جلدَ مخبَّأة!»، فهذا الاتِّهام قوي، بل شبه مجزوم به، أما من يقول: من تتهمون؟ وهم أذهانهم خالية، ما سُمِع كلامٌ من أحد، فهذا يوجد من البغضاء والشحناء بما لا دليل عليه، ففرقٌ بين هذا؛ لأن بعض الناس يسمع هذه الكلمة ثم مباشرة إذا قيل له كذا، قال: من تتهمون؟! قد يصيبون، وقد يخطئون، لكنه حكم بالظن، «إيَّاكم والظن فإن الظن أكذب الحديث» (البخاري: 5143)، ويورث من العداوة والبغضاء والشحناء، لكن إذا أُتي بشيء على سبيل العموم بحيث لا يُخص شخصٌ بعينه، وإذا اتُّهم شخصٌ وغلبة الظن تتَّجه إليه وهو مُجرَّب بالإصابة، لكنه ما ذكر شيئًا، فالدلائل والقرائن تدل على ذلك بسبب ما عُرِف به، ومع ذلك لا يُخَص بالاستغسال؛ لئلا تُشحن النفوس بالعداوة والبغضاء، فيُؤمر هو وغيره، فيقال: إن فلانًا مُعان، ويُؤمر هو وغيره بالاستغسال من باب ألَّا يقع في نفسه شيء، فيستغسلون بما في ذلك أقارب المعيون، فيحصل المقصود من غير إيجاد بغضاء وعداوة وشحناء، والله المستعان.
فمن حيث الأصل الاستغسال يُعتبر طريقًا شرعيًّا، بخلاف مسح العتبة أو ما أشبه ذلك فلا أصل له.
** **
يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء سابقاً