د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
تشكل الطاقة المتجددة حتى نهاية عام 2022 نحو 8 في المائة فقط من إجمالي الطاقة المستخدمة، تمثل الطاقة الشمسية 60 في المائة منها، فيما ينتج العالم 21.5 تريليون كيلو وات منها 3.5 تريليون كيلو وات تنتج من الطاقة الكهرومائية تهيمن عليها الصين تنتج نحو 21 في المائة، ومن أبرز الدول التي تنتج الطاقة الكهرومائية الولايات المتحدة والبرازيل والهند والنرويج وروسيا.
ومن أجل وصول العالم إلى انبعاثات صفرية بحلول 2050 ينبغي الاستثمار السنوي في الطاقة النظيفة على مستوى العالم أن يتضاعف ثلاث مرات بحلول 2030 إلى حوالي 4 تريليونات دولار، فيما تخطت الاستثمارات العالمية في الطاقة الخضراء منذ اتفاقية باريس للمناخ 2015 حتى 2023 ما قيمته 1.8 تريليون دولار، وارتفاع الطاقات المتجددة من نحو 150 غيغاوات عام 2015 إلى نحو 510 غيغاوات وهي أسرع معدل نمو في العقدين الماضيين، رغم ذلك لا يزال تحقيق التحول تقف أمامه عقبات أبرزها تعبئة الاستثمارات والتمويل، وبشكل خاص في الدول النامية، ولكي تتضاعف 3 مرات بحلول عام 2030 هناك حاجة إلى 8 تريليونات دولار للسعة المركبة الجديدة و3,6 تريليون دولار لتوسيع الشبكة.
وسيصل الاتحاد الأوروبي إلى 320 جيجا وات عام 2025 ضعف المستوى الحالي، بعد عقود من المناقشات والعمل والتطوير، والبدايات الخاطئة والوعود الرنانة، باتت مصادر الطاقة المتجددة حتى الآن غير مهيأة لإزاحة الوقود الأحفوري من أعلى قمة هرم الطاقة لتصبح هي المصدر الرئيسي والأساسي لإمدادات الطاقة للتحرر من هيمنة الطاقة الروسية على أوروبا التي لا تزال تصدر عبر مصافي الصين والهند، ومن إجمالي دخل روسيا من الطاقة 605 مليارات دولار منذ فبراير 2022 منذ اجتياح القوات الروسية أوكرانيا 188 مليار دولار مشتريات أوروبا من الطاقة الروسية، أي أن نسبة استخدام الوقود الأحفوري في استهلاك الطاقة العالمي نحو 80.2 في المائة، بل وتخطط الحكومات لمضاعفة إنتاج الوقود الأحفوري في 2030 وهي كمية تفوق حد الاحترار في حدود 1.5 درجة مئوية المخطط له.
رغم ذلك شاركت السعودية العالم قصة تحولها في مجال الطاقة المتجددة الذي بدأته في 2019 تحت عنوان نحو مستقبل مبتكر ومستدام في الندوة الرابعة عشرة لوكالة الطاقة الدولية ومنتدى الطاقة الدولي وأوبك الذي انعقد في الرياض، وهي تؤكد مجدداً في هذا العام أنها تخطط لطرح مشاريع طاقة متجددة بقدرة 20 غيغاوات لتصبح في المركز الثالث عالمياً بعد الصين والولايات المتحدة، وذلك بعدما ضاعفت إنتاجها من الطاقة المتجددة 4 مرات من 700 ميغاوات إلى 2.8 غيغاوات حتى الآن.
ومنذ 2019 كان دور السعودية في التحول استباقياً وشاملاً عندما اعتمدت نهج الاقتصاد الدائري للكربون لخفض انبعاثات كربون بمقدار 278 مليار طن سنوياً حتى 2030 بما يعادل 10 في المائة من المساهمات العالمية، والحد من انبعاثات الكربون الناجمة عن إنتاج النفط في المنطقة بأكثر من 60 في المائة، بجانب توفير 492 ألف برميل يومياً منذ بدء العمل بالبرنامج السعودي لكفاءة الطاقة في عام 2012، عبر الاستفادة من مليون برميل من الوقود السائل يستخدم في إنتاج الكهرباء واستبداله عبر الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة، وأن يكون إنتاج 50 في المائة من إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة بحلول 2030. لن تتوقف السعودية عند هذا التحول وعند تطبيق كفاءة الطاقة، بل اتجهت نحو زيادة قدرتها على التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون إلى 44 مليون طن سنوياً بحلول 2035، التي تتضمن التقاط واستخدام مليوني طن سنوياً من ثاني أكسيد الكربون لإنتاج الغليكول والميثانول الأخضر والوقود النظيف، هذا إضافة إلى الهيدروجين النظيف والوقود منخفض الانبعاثات عبر شحن 150 ألف طن من الأمونيا النظيفة إلى العالم، ولن تتوقف عند هذا الحد بل تدرس إنشاء مجمع لاستخدام غاز ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين بغرض إنتاج مشتقات نظيفة من الوقود، بجانب مشروع نيوم أكبر مشروع في العالم لإنتاج الهيدروجين الأخضر، بجانب استخدام 1.5 مليون طن سنوياً من ثاني أكسيد الكربون لإنتاج الوقود النظيف.
تقوم جامعة الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية ( كابسارك ) باستخدام قياس الانبعاثات عبر القمار الصناعية ( كايروس ) تبين أن كثافة غاز الميثان في السعودية أقل بنسبة 75 في المائة من القيمة التي أبلغت عنها وكالة الطاقة الدولية، ما يعني أن لدى السعودية ثاني أقل كثافة لغاز الميثان بين الدول الرئيسية المنتجة للنفط والغاز، للمساهمة في تحقيق إسهامات السعودية تحت مظلة الاتفاقية الإطارية للتغير المناخي واتفاقية باريس.