د.علي آل مداوي
بالتزامن مع ذكرى يوم العَلَم السعودي الخاص بها في 11 مارس من كل عام، تحتفل بلادي بذكرى يوم العَلَم، الذي له مكانته الخاصة في قلوبنا، إنه تاريخٌ من المجد والعزة والإباء والراية الخضراء خفّاقةٌ ترفرف بشموخٍ ورفعة، ورمزٌ للتلاحم والائتلاف يعبر عن الهوية والقيمة الوطنية.
وكان العَلَم السعودي عبر التاريخ على مدى نحو ثلاثة قرون ترفع منذ بداية من الدولة السعودية الأولى مروراً بالدولة السعودية الثانية إلى الدولة السعودية الثالثة، لقد اكتسب العَلَم الوطني السعودي (الراية) رمزية خاصة منذ عهد المؤسس الأول الإمام محمد بن سعود (1139ـ 1179هـ/ 1727- 1765م)، واستمر وتطور في عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن (1319 - 1373هـ/ 1902 - 1953م)، واتخذ منه مواطنو ومواطنات هذا الوطن راية للعز شامخة لا تُنكس.
احتفاء بالعَلَم السعودي يوم 11 مارس
انطلاقاً من أهمية قيمة العَلَم الوطني وعمقه التاريخي المتجذر، فقد أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- أمراً ملكياً بتخصيص يوم 11 مارس من كل عام للاحتفاء بالعَلَم السعودي، حيث إن يوم 27 ذي الحجة 1355هـ الموافق 11 مارس 1937م، هو اليوم الذي أقر فيه الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- العَلَم بشكله الذي نراه اليوم يرفرف بدلالاته العظيمة التي تشير إلى التوحيد والعدل والقوة والنماء والرخاء.
تاريخ العَلَم السعودي
إن أول راية رفعت في الدولة السعودية كانت عام 1157هـ (1744)، وفقاً لما أوضحت دارة الملك عبدالعزيز، أن نظام رفع العَلَم صدر في عام 1357هـ (1938) وأن نظام عَلَم المملكة العربية السعودية صدر عام 1393هـ (1973).، أسماء العَلَم هي «الراية، والبيرق، واللواء» حسب دارة الملك عبدالعزيز مبينة أن دلالات العَلَم السعودي تتمثل في ما يلي: عبارة «لا إله إلا الله محمد رسول الله» تعبر عن وحدانية الله وعلى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو رسول الله وخاتم النبيين، و»السيف» يرمز للعدل والقوة.
مراحل تطور العَلَم السعودي
مر العَلَمُ السعودي بأربع مراحل من التغيير والتطور منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى، ولكنه حافظ على جوهره بلونه الأخضر وكلمة التوحيد. ووفقاً بما أوضحت به دارة الملك عبد العزيز فإن تاريخ العَلَم بكل مراحل الدولة وهي كالتالي:
دلالات رموز العَلَم السعودي
يتصف العَلَم بأنه مُستطيل الشكل عرضُه يُساوي ثُلثي طوله، يشكل اللون الأخضر لون العَلَم ويرمز الأخضر في العَلَم السعودي إلى راية الإسلام لأنه ومنذ ظهور الإسلام وتأسيس الدولة على يد النبي محمد صلى الله عليه وسلم ارتبط اللون الأخضر بالراية الإسلامية المرفرفة، واللون الأبيض وهو رمز للسلام والنقاء.
كما أن شهادة التوحيد لا إله الا الله محمد رسول الله تتوسط العَلَم، مكتوبة بخط الثلث، وهي القيمة الأساسية التي قامت عليها المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها، وتحت شهادة التوحيد السيف المسلول التي تدل على القوة والعدل، وبموازاتها يدل على علو الحكمة والحق، ويرمز أيضاً للاعتزاز بالسيف لأنه من التراث السعودي الأصيل والعريق، ويرمز أيضاً للصرامة في تطبيق العدل وموازينه.
العَلَم السعودي لا ينكس أبداً
نصت المادة الثالثة عشرة من نظام العَلَم السعودي، والتي تنص على أنه «لا يجوز تنكيس العَلَم السعودي، أو العَلَم الخاص لجلالة الملك، أو أي علم سعودي آخر يحمل الشهادة» (لا إله إلا الله محمد رسول الله). كما نصت المادة الرابعة عشرة من النظام على أنه «لا يجوز للعَلَم الوطني أو علم جلالة الملك أن يمس سطح الأرض أو الماء». كما يتميز العَلَم السعودي بعدة خصائص نظراً لما يحمله من دلالة دينية تعتز بالدين الإسلامي، حيث لا ينزل إلى نصف السارية في الحداد أو الكوارث والأحداث الكبيرة التي تعبر عنه معظم الدول في مواقفها ومراسمها الدولية.
تحية العَلَم
يردد المواطنون النشيد الوطني الذي هو محفور في قلوبنا فقد كتب الشاعر إبراهيم خفاجي شعر النشيد الوطني السعودي الذي استغرق من الوقت ستة أشهر، وقدّم النص الشعري النهائي إلى وزير الإعلام الأستاذ علي الشاعر، وبعد الانتهاء من النشيد الوطني في صيغته النهائية قدم الوزير النشيد بصيغته الشعريّة والموسيقيّة المقترَحة إلى الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله، فسمعه وأجاز النشيد، وبذلك تم توزيع نُسَخ النشيد على مؤسسات الدولة الرسميّة وفي المدارس والجامعات، والسفارات والقنصليات الدبلوماسية في الخارج. وحصل خفاجي شهادة البراءة والوسام الملكي الخاص من الملك. واعتُمِد النشيد الوطني رسميًّا يوم عيد الفطر المبارك عام 1404هـ/ 1984م، وفي ذلك اليوم بات يردده المواطنون السعوديّون، وبات نشيداً رسمياً يذاع للعالم من خلال القنوات الإعلامية الرسمية والإذاعة والتلفزيون السعودي.
تحية العَلَم السعودي:
سارعي للمجد والعلياء
مجدي لخالق السماء
وارفعي الخفاق أخضر
يحمل النور المسطر
رددي الله أكبر يا موطني
موطني عشت فخر المسلمين
عاش الملك .. للعلم والوطن.
رمزية العَلَم الوطني السعودي
يُعد العَلَم الوطني لبلادي رمزاً لسيادة الوطن وعزته وكرامته، ورمزاً لولاء الشعب للقيادة الرشيدة، كما أنه يعبر عن هويتنا وتاريخنا، ويسمّى رسميّاً بـ»العَلَم الوطني». وقد حظي علم بلادي بكامل الاحترام والحب وتقدير المواطنين والمقيمين على أرضها، لما يحمله من معاني الانتماء والمواطنة، إلى جانب أنه يحمل كافة معاني الوحدة، والكرامة، والعزة، والإنجاز، والترابط، والقوة، والفخر، والسلام، كما يحظى باحترام العالمين العربي والإسلامي والدولي، لما يحمله من دلالات دينية وما يرمز إليه من دولة كريمة تهتم بالحرمين الشريفين ومدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة، ومهتمة بشؤون العالم الإسلامي، فضلاً عن الاحترام العالمي لها، نظراً لمواقفها الإنسانية التي لا تفرق بين جنس أو لون أو عرق، وإقامة العدل، وتعزيز الاحترام المتبادل، ويعبّر العَلَم عن وحدتها الوطنية والعمق التاريخي لها، كما يعبّر عن الشموخ والعِزّة، والمبادئ التي تقوم عليها بلادي.
مكانة ريادية على الصعيدين الإقليمي والدولي
تزامناً مع الاحتفال بيوم العَلَم في وقت احتلت فيه بلادي مكانة عظيمة في العالمين العربي والإسلامي والدولي، وأثبتت دورها الريادي على الصعيدين الإقليمي والدولي وتتزايد ثقة العالم بسياساتها وتقديراً لجهودها الداعمة في ترسيخ الأمن والسلم والسلام والتسامح الدولي.
مكانةٌ بارزة تتجلى في حرص العديد من قادة العالم على إجراء مباحثات مع القيادة الرشيدة لتعزيز العلاقات وبحث جهود دعم الأمن والاستقرار الدوليين، وسط حرص متزايد للمشاركة في مؤتمراتها التي أقامتها، والاستماع لرؤاها والاستفادة من كافة مبادراتها البناءة.
كما ترسم تلك المكانة لبلادي في عضويتها في المؤسسات الدولية والأممية الهامة، ودورها الرائد في تلك المؤسسات الدولية.
وتحتفل بلادي بيوم العَلَم مع استمرار عضويتها في مجموعة العشرين التي تعد الأضخم اقتصاداً دولياً في العالم، بسبب قوتها الاقتصادية، ونفوذها السياسي والاقتصادي اللافت، وقدرتها على التأثير في صُنع قرار السياسات الاقتصادية العالمية، ودورها المحوري في ضمان استقرار أسواق الطاقة في العالم.
أهم الإنجازات
حققت بلادي إنجازات نوعية باهرة في وقت قياسي وفق رؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان آل سعود والتي يفخر بها كافة المواطنين السعوديين، وباتت تتحقق على أمر الواقع ونجد أن آخر إنجازات شملت كافة القطاعات والمستويات، فمنذ بداية عهدها إلى اليوم بتقديم الرعاية الكاملة للحرمين الشريفين ولزوار بيت الله، وإطلاق مشروع ذا لاين (The Line)، وهو أحد المشاريع في مدينة نيوم، والبدء في مشروع الخاص بمدينة الأمير محمد بن سلمان، ويهدف المشروع إلى إتاحة الفرصة لفئة الشباب أصحاب المواهب للمشاركة في التخطيط للمستقبل مبادرة الشرق الأوسط الأخضر والعمل على تطوير الصناعات الوطنية الداخلية والاعتماد على الغاز والبترول بشكل أساسي في الإنتاج المحلي والتي تعتبر من أهم الإنجازات، وتنفيذ مشروع «مترو الرياض» والذي يربط بين مختلف مناطق الرياض، الرياض آرت، وبوابة الدرعية، ومحطة التحلية بتقنية الامتصاص، وحديقة الملك سلمان، ومشروع العلا وغيرها من المشاريع الضخمة.
وتعيش بلادي هذه الأيام نهضة حضارية شاملة وواسعة على كافة الصُعُد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعسكرية والأمنية والصحية والتعليمية والرياضية والتقنية بفضل التطورات الاستراتيجية وفق «رؤية 2030»، التي تهدف إلى خفض اعتمادها على النفط وتنويع مصادر الدخل بهدف تحقيق الاستقرار المالي وتنويع مصادر الدخل، وتوفير أكثر من فرصة للعمل لمختلف الفئات العمرية، والعمل على زيادة نسبة الاستثمار الخارجي في المملكة العربية السعودية.
وختاماً بذلت حكومة خادم الحرمين الشريفين جهوداً عظيمة من اجل رفع المستوى المعيشي للمواطنين والارتقاء بالمجتمع السعودي إلى أعلى المستويات وتهدف إلى تحقيق الإنجازات لرفع رفاهية المواطنين في بلادي كما أكد سمو ولي العهد أن المواطن السعودي هو أعظم ما تملكه المملكة العربية السعودية للنجاح فدور المواطن محوري في التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة ويسهم في تحقيق الإنجازات والمضي قدماً في كافة المجالات، الذي ينعكس إيجابياً على توفير مستوى معيشي كريم للمواطنين كافة وتعزيز جودة الحياة وتزامناً مع ذكرى يوم العَلَم تشهد بلادي إنجازات على كافة الأصعدة وفق رؤيتها الطموحة التي غرست للمواطنين الاعتزاز والانتماء للعلم والوطن.