بمناسبة اليوم العالمي للمسؤولية الاجتماعية.. وإسهاماً في تكريس المسؤولية الاجتماعية، وترسيخاً لمعانيها ونشراً للتوعية بها نتناول في هذه المساحة جوانب من مفاهيمها وقيمها ومعانيها وأهدافها وكيفية الارتقاء بها في ظل المتغيرات والتطورات العصرية. ولا شك أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).
يجسد مفهوم المسؤولية الاجتماعية في أسمى معانيها باعتبارها قيمة أخلاقية عالية وهذا يعني أن أي كيان أو منظمة أو مؤسسة لديهم مسؤولية تجاه المجتمع، مما يجعل كل منظمة أو فرد يمارس المسؤولية من أجل الحفاظ على التوازن بين الاقتصاد والنظام البيئي والاجتماعي، وصولاً إلى التنمية المستدامة التي تصب في خدمة المجتمع على المدى البعيد وبصورة مستمرة.
فالمسؤولية الاجتماعية تنطلق من واجب الفرد تجاه مجتمعه وتتسع للعمل الجمعي وتتجاوز مفهوم العمل التطوعي أو الخيري الذي هو جانب من المسؤولية الاجتماعية وتكتمل أضلاعها بتعاون القطاع الخاص، والقطاع الحكومي، والقطاع غير الربحي وحينما تتحد هذه القطاعات الثلاثة يمكنها إيجاد مبادرة احترافية مستدامة تخدم المجتمع والوطن، وتسهم في دفع عجلة التنمية، وهذا ما نطمح إليه ووفق رؤية المملكة 2030 وهذا يحتم علينا جميعاً العمل والإنجاز لتصميم وتنفيذ المبادرات الاحترافية، ولا شك أن الأمر يحتاج إلى دراسة متعمقة وإطار عملي واضح وتعاون يرتكز على الأمانة والإخلاص في العمل. المسؤولية الاجتماعية متأصلة لدى قيادتنا الحكيمة توجيهاً ودعماً وممارسةً فحكومة المملكة العربية السعودية الرشيدة - بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - تنظر للمسؤولية الاجتماعية من خلال النظرة الشرعية القائمة على تحقيق النفع للناس، والحث على التكافل، وبسط العدل والمساواة، مما يحقق راحة المواطن ويلبي احتياجات المجتمع، والدولة تسعى لتحقيق ذلك من خلال تفعيل الطاقات وتوظيف القدرات، وتوفير الوظائف النوعية للشباب السعودي، وتأهيلهم لتولي مسؤوليتهم تجاه البناء والتنمية والإنتاج، خاصة لدى مؤسسات القطاع الخاص الذي يتطلع لأداء دور مهم وفاعل لزيادة الإسهام في الناتج المحلي والارتقاء بواقع ممارسة المسؤولية الاجتماعية التي تتموضع في قلب الرؤية 2030وفقاً للأدوات والآليات العصرية والمفهوم الحديث لتحقيق رفاهية المواطن وراحته.
وعند الحديث عن المسؤولية الاجتماعية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز (حفظه الله) لابد أن نتذكر أن الملك سلمان هو رائد الأعمال الإنسانية والاجتماعية في المملكة العربية السعودية، وأحد أعمدتها الراسخة على مستوى العالم، وهذا غير مستغرب من خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله ورعاه - فهو أول من وضع نواة المسؤولية الاجتماعية في تأسيس مجلس المسؤولية الاجتماعية في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض، ودعا إلى تفعيلها في جميع القطاعات. كذلك وجدت المسؤولية الاجتماعية اهتماماً خاصاً من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد أمير الشباب والطموح الذي حفز وشجع هذا النشاط، وفي عام 2018 أطلق البرنامج الاجتماعي (سند محمد بن سلمان) الذي يعكس الرغبة الشخصية لسموه في تلمس احتياجات فئات المجتمع المختلفة وتحقيق الحياة الكريمة في دلالة كافية على مدى حرص سموه على تفعيل المسؤولية الاجتماعية، وهذه قطرة في بحر من إنجازات سموه التي يفخر بها الوطن والمواطن، وهذا يحتم على الجميع الحرص على الإسهام في تصميم المبادرات الرقمية والميدانية والمكتبية في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتعليمية والسياسية والدينية والمهنية والإنسانية والفنية والثقافية والرياضية والإعلامية والترفيهية التي تخدم مختلف فئات المجتمع والوطن ككل، وبما أن المواطن يستمد إلهامه وقدوته من قيادته الرشيدة فإن المأمول أن يكون الجميع في مستوى أهمية المسؤولية الاجتماعية، وفي مستوى فهم رسالة القيادة المتمثلة في التوجيه والدعم والمساندة لقطاع المسؤولية الاجتماعية، التي تعتبر واجباً وطنياً وواجباً مهنياً وواجباً مجتمعياً وهذا واجبنا الآن ونحن شركاء في التنمية والعمل والإنجاز والطموح لتحقيق رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى بناء وطن مزدهر وطموح (كلنا مسؤول). (المسؤولية الاجتماعية واجب وطني) الزاوية الوطنية: نتطلع لأن يكون هناك إلزام وإحصائيات وتقارير سنوية في مجال المسؤولية الاجتماعية لجميع القطاعات والعمل على تطويرها لتحقيق أثر مستدام. تأهيل وتدريب القوى البشرية على مهارات المسؤولية الاجتماعية لتمكين المواطنين والعاملين من ممارستها بشكل احترافي في جميع القطاعات وترسيخ المفهوم الإيجابي لها والالتزام بها. إيجاد مبادرات هادفة ومستدامة بحيث تكون المبادرة الواحدة بتعاون القطاعات الثلاثة وتاملها. توظيف ذوي الخبرة والكفاءات والقدرة على الإبداع والابتكار في مجال المسؤولية الاجتماعية.
من وجهة نظري ومن خلال التجربة والخبرة في هذا المجال إن من أبرز التحديات التي تواجهه المسؤولية الاجتماعية أن كل قطاع يعمل بمفرده وبشكل مستقل، والمجال هنا ليس مجالاً للمنافسة، بل المطلوب التعاون لصنع الانجاز، ورفع مستوى الوعي بمفهوم المسؤولية الاجتماعية من أجل الارتقاء بها وتطويرها مفهوماً وثقافةً وممارسةً.
كلمه أخيرة: (ملكنا من أول اهتماماته الإنسان، فواجبنا أن يكون أول اهتماماتنا مملكتنا) هدفي أن أسهم في صنع التغيير والإنجاز والعمل الاحترافي والمستدام وأن نساهم جميعاً في تحقيق أهداف حكومتنا الرشيدة وتجسيد مضامين رؤية المملكة 2030 في ما يخص المسؤولية الاجتماعية بكل ما أوتينا من فكر وخبرة وعمل وبكل أمانة وإخلاص. وأن نبادر جميعاً لنخلق الأثر المثمر وإيجاد الفرص التي تمكننا من خدمة الوطن والمجتمع وصناعة التغيير والسلوك الإيجابي فنحن جزء من هذا الوطن وهو في قلوبنا جميعاً.
** **
- مستشارة ومدربة في المسؤولية الاجتماعية